الغربة كلمة طعمها مر مرارة الليمون أو أشد كلمة قاسية وتجربة صعبة قد عاشها الكثير منا لكن باشكال مختلفة ولأسباب متعددة فمنا من ولد ووجد نفسه في بلد قد هاجر إليه الأهل بحثا عن فرصة عمل أفضل ومنا من يجد نفسه مجبرا لترك البيت الدافئ الذي نشأ وترعرع به طلبا للعلم لعله يضيف عند عودته بالشهادة والنجاح. وبعضنا يبحث عن فرصة أفضل لتحسين مستواه في بلد غير موطنه الأصلي ومنا من يكون في بلده ومع أهله ولكنه يشعر بغربة قاتلة قد حاصرته من كل جوانب الحياة من هموم ومشاكل وظلم وهضم للحقوق وعدم منحه الفرصة التي يستحقها. الغربة قد تكون ممتعة لعدة شهور حين تحقق املك في السفر و بدء حياة جديدة طالما حلمت بها حتي تشعر بالوحدة دون الاهل والاصدقاء والاحبه، تسير حياتك بشكل طبيعي حتى تتذوق الغربة وهنا المنعطف الذي تتغير فيه حياتك تغترب مشاعرك وأحساسيك حتى أنطباعاتك القديمة تصبح غريبة، شعور مضطرب لا يحسه الا مغترب تكره الغربة أشد من كره المظلوم الي ظالمه حتى إذا عدت لبلدك اشتقت لتلك الغربة. الغربة مدرسة من الطراز الاول ولكن ليس لديها إلا أسلوب تعليمي واحد وهو القسوة .. قسوة اشتياقك كل يوم لحضن امك الدافى لجرعة الحنان التي تعوت عليها في كل صباح لقسوة ابتعادك عن اخيك عمودك الفقري الثاني عن تجمع اصدقائك التي لم يفرق بينكم سوا الغربة، عن شوارع قد تركت بها الكثير من الذكريات. وحين تغترب لا تحاول أن تفضفض لصاحبك كل مشاعر الشوق والحنين التي تشعر بها فهو يعاني مثل ما تعاني رفقاً بقلب صاحبك ويتبقي لك نفسك تشكي. و تفضفض لها ما تريد وتعترف لها ان اقسي ما في الغربة ليس البعد عن ارض الوطن وان تعيش الاعياد في بلاد بعيدة ووحيدا .. اصعب ما في الغربة هو الشعور بفراق الاحبة احساسك علي انك قد اصبحت اقوي علي الصبر والتحمل ولكنك تخاف علي قلبك أن يتعود فراق الاحبه. أتذكر قول الشاعر."بك يا زمان أشكو غربتي إن كانت الشكوى تداوي مهجتي. قــلبــــي تـســــاوره الــهــمــوم تــوجــعــــاً ويزيد همي إن خلوت بظلمتي" اما عن الاشتياق للوطن وطني الذي حلمت بتنفيذ احلامي فيه ولم استطع وطني الذي احبه ولكنه لا يحبني امضيت فيه نصف عمري ولم احقق شي مما تمنيت ولم يترك لي سوا ذكريات واشخاص لكنني لم اكن اعلم ان الوطن ليس مِلكي يلبي طلباتي وان الحلم لي وهو عليه تحقيقة لما يجبرني الوطن علي الرحيل ولما لم يترك لي مكان للمكوث فيه. وقد أستفدت الكثير من الغربة وعرفت معزة الوطن وأرض الوطن رغم ما فيه من مشاكل وصعوبات إلا أنها أهون بكثير من الأغتراب. ولما دقت ساعة الرحيل وحزمنا أمتعتنا واتجهنا صوب العالم الأخر بقيت قلوبنا تلتفت وراءها تودع شمس الوطن وسهوله وهضابه وروابيه ونذرف الدموع تلو الدموع والقلب حينها معلق أيما تعلق بحبال الحب والأشتياق الى الأهل والصحبة والجيران فهذه هي بداية الرحلة خارج أسواره وساحاته ولا نعرف متي سيأتي اللقاء مرة اخري. الغربة صعبة لكنها تعطيك ما لايمنحه لك وطنك وتمنحك تجارب عظيمة في سفرك وتعرفك على الناس والبلاد. الوطن غالٍ على القلب لكنه لا يمنحك الأ قوت يومك ويأخذ بتبديد أحلامك فيقعدها فلا تقوى على النهوض. وأي الأمرين أصعب أن تلاقي بعد سنوات نفسك مكانها لم تغادره ولم تتقدم خطوة الى الأمام سوى خطوات لا تغني ولا تسمن من جوع أم الأبتعاد عن ديارك وطلب الرزق والعودة يوما ما بالخير والثمر. عجبي علي وطن غريب يحتضن ما ليس منه وتجد فيه ما يساعدك علي تحقيق احلامك وتدين له بالولاء والحب لتدرك ان وطنك قد علمك كيف تسطيع ان تحقق ما تريده لكن فى وطن غريب حتي تحقق ما تريد وكيف تستطيع أن توازن بين تحقيق غايتك من الغربة وتجنب الآثار السلبية لها سؤال صعب يجب أن تفكر فيه يجب أن تقف وتسأل نفسك ما الضريبة التى ستدفعها ثمناً لغربتك ومتى ستصل للحد الذى من أجله تغربت ومتى يكون قرار العودة صائبا؟!.ً