عادل عطيةمقالات عادل

أفكار – قراءة فى كتاب أمى

بقلم/ عادل عطية

  ‬أحتفظ‭ ‬في‭ ‬قلبي‭ ‬بكتاب‭ ‬أمي‭ ‬الإنساني‭ ‬الكريم،‭ ‬الموحى‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬قدس‭ ‬أقداس‭ ‬الأمومة،‭ ‬والمبشرة‭ ‬به‭ ‬في‭ ‬هيكل‭ ‬العائلة‭!‬

  ‬أتأمل‭ ‬في‭ ‬أسفاره،‭ ‬وفصوله،‭ ‬وعلاماته‭. ‬ألهج‭ ‬بسطوره‭ ‬الحيّة‭ ‬الفائضة‭ ‬بذهب،‭ ‬ولبان،‭ ‬ومر‭ ‬الذكريات‭!‬

‭ .. ‬أفتح‭ ‬سفر‭ ‬تكويني،‭ ‬وأقرأ‭: ‬عن‭ ‬قلبها‭ ‬الذي‭ ‬رآني‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تراني‭ ‬عيناها،‭ ‬وأحشاؤها‭ ‬التي‭ ‬ضمتني‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تضمني‭ ‬ذراعاها،‭ ‬وفكرها‭ ‬الذي‭ ‬خاطبني‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تخاطبني‭ ‬شفتاها‭!‬

  ‬وحين‭ ‬جئت،‭ ‬شكرت‭ ‬الرب‭ ‬المربي‭ ‬الأعظم،‭ ‬الذي‭ ‬أختارها‭ ‬لتكون‭ ‬مساعدة‭ ‬له‭ ‬في‭ ‬صياغة‭ ‬إنسان‭ ‬جبله‭ ‬على‭ ‬صورته،‭ ‬ومثاله‭!‬

  ‬ومذ‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت،‭ ‬صار‭ ‬صوتها‭ ‬من‭ ‬صوته‭.. ‬فهو‭ ‬ملهمها،‭ ‬وهو‭ ‬قوتها‭!‬

‭ .. ‬وأفتح‭ ‬سفر‭ ‬أعمالها،‭ ‬وأقرأ‭: ‬عن‭ ‬كل‭ ‬رغيف‭ ‬أطعمتني‭ ‬أياه،‭ ‬حين‭ ‬تفتحت‭ ‬أول‭ ‬سن‭ ‬في‭ ‬ثغري‭. ‬كان‭ ‬رغيفاً‭ ‬معجوناً‭ ‬بالسهر،‭ ‬والتعب،‭ ‬والآلام‭!‬

  ‬وحين‭ ‬كنت‭ ‬أصعد‭ ‬على‭ ‬كتفها‭ ‬وعمرها،‭ ‬كانت‭ ‬هي‭ ‬مظلتي‭ ‬تحت‭ ‬طبقة‭ ‬أوزون‭ ‬مثقوبة‭!‬

  ‬كانت‭ ‬تعانق‭ ‬كل‭ ‬انفعال‭ ‬ينفلت‭ ‬مني‭: ‬بالحب،‭ ‬والحنان،‭ ‬والإهتمام‭!‬

  ‬وفي‭ ‬خطواتها‭ ‬المباركة‭ ‬على‭ ‬درب‭ ‬جلجثتها،‭ ‬حاملة‭ ‬مسئوليتها،‭ ‬كانت‭ ‬تمر‭ ‬لحظات‭ ‬في‭ ‬حياتها،‭ ‬تشعر‭ ‬فيها‭ ‬بثقل‭ ‬الرسالة؛‭ ‬فتقول‭ ‬قولة‭ ‬سيد‭ ‬الآلام‭ ‬في‭ ‬الجسمانية‭: ‬‭”‬أيها‭ ‬الآب‭ ‬ان‭ ‬شئت‭ ‬فابعد‭ ‬عني‭ ‬هذه‭ ‬الكأس‭. ‬ولكن‭ ‬لا‭ ‬تكن‭ ‬مشيئتي‭ ‬بل‭ ‬مشيئتك‭”‬‭!‬

‭ .. ‬وأفتح‭ ‬سفر‭ ‬رؤياها،‭ ‬وأقرأ‭: ‬صلواتها،‭ ‬وتمتماتها‭ ‬المخلصة،‭ ‬أن‭ ‬يبعث‭ ‬الرب‭ ‬فيها‭ ‬كل‭ ‬صباح‭ ‬نسمة‭ ‬من‭ ‬نسماته‭ ‬العبقرية؛‭ ‬لكيما‭ ‬تستطيع‭ ‬أن‭ ‬تخوض‭ ‬مع‭ ‬تلاميذها،‭ ‬وأصدقائها،‭ ‬وإخوتها‭ ‬وأخواتها،‭ ‬معركة‭ ‬الحياة‭ ‬المثلى؛‭ ‬فتستحق‭ ‬أن‭ ‬تجلس‭ ‬إلى‭ ‬مائدته‭ ‬المقدسة‭!‬

  ‬كانت‭ ‬تعرف‭ ‬وقت‭ ‬مجيء‭ ‬شهود‭ ‬الزور،‭ ‬وانهيار‭ ‬القيم‭.. ‬وقت‭ ‬الاستهتار‭ ‬بمشاعر‭ ‬الإنسان‭ ‬وكبريائه‭.. ‬وقت‭ ‬الجوع‭ ‬الجماعي،‭ ‬والاغتصاب‭ ‬الجماعي‭ ‬للقمة،‭ ‬والكلمة،‭ ‬والحلم‭.. ‬ووقت‭ ‬الحرب‭ ‬على‭ ‬رغيف،‭ ‬أو‭: ‬بقعة‭ ‬ضوء،‭ ‬أو‭: ‬جدول‭ ‬ماء‭…‬؛‭ ‬فمنحتنا‭ ‬سلاحاً‭ ‬وجعبة‭ ‬من‭: ‬محبة،‭ ‬وقوة،‭ ‬وصبر،‭ ‬وأخلاق‭.. ‬وأعلمتنا‭ ‬بجهة‭ ‬المعركة،‭ ‬واسماء‭ ‬المحاربين‭. ‬وما‭ ‬يزال‭ ‬ودها‭ ‬للناس،‭ ‬كالصدقة‭ ‬الجارية،‭ ‬سلاحنا‭ ‬ضد‭ ‬الذين‭ ‬يعدّون‭ ‬لأولادها‭ ‬المكائد‭!‬

  ‬وما‭ ‬تزال‭ ‬ذرة‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬ذرات‭ ‬رضاها،‭ ‬تجعلنا‭ ‬ننقل‭ ‬جبل‭ ‬الصعاب‭ ‬إلى‭ ‬هناك‭!‬

  ‬هذا‭ ‬بعض‭ ‬مما‭ ‬في‭ ‬كتاب‭ ‬أمي‭!‬

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى