عادل عطيةمقالات عادل

أفكار – طائر على درب الفصح!

بقلم/ عادل عطية

يا‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬أبّهة،‭ ‬بريشه‭ ‬الأبيض،‭ ‬ورقبته‭ ‬الطويلة،‭ ‬ومنقاره‭ ‬الأصفر‭ ‬الذهبي،‭ ‬وعيونه‭ ‬الكحيلة‭ ‬الواسعة‭!‬

  ‬ما‭ ‬أروع‭ ‬منظره،‭ ‬وهو‭ ‬يسبح‭ ‬هادئاً‭ ‬كسفينة‭ ‬صغيرة‭ ‬لمت‭ ‬أشرعتها‭ ‬حولها‭!‬

  ‬وما‭ ‬أسحر‭ ‬هيئته،‭ ‬وهو‭ ‬يجري‭ ‬بشكل‭ ‬قافلة‭ ‬من‭ ‬البجعات‭ ‬تسير‭ ‬الهوينا‭ ‬بعضها‭ ‬وراء‭ ‬البعض،‭ ‬رافعة‭ ‬رؤوسها،‭ ‬معتزة‭ ‬ببهائها‭!‬

في‭ ‬هذا‭ ‬الجمال‭ ‬الأخاذ،‭ ‬قصة‭ ‬عظيمة‭ ‬عن‭ ‬الحياة‭ ‬والموت،‭ ‬تكتبها‭ ‬بريشاتها،‭ ‬أكبر‭ ‬الطيور‭ ‬البرمائية‭..‬

  ‬فمن‭ ‬عادة‭ ‬البجع،‭ ‬انه‭ ‬اذا‭ ‬طاف‭ ‬الشواطيء‭ ‬والبحار،‭ ‬ولم‭ ‬يجد‭ ‬طعاماً‭ ‬لفراخه؛‭ ‬يرجع‭ ‬إلى‭ ‬عشه‭ ‬حزيناً‭ ‬عند‭ ‬المساء،‭ ‬فيمزّق‭ ‬صدره،‭ ‬ويقدم‭ ‬لصغاره‭ ‬مأكلاً‭ ‬من‭ ‬دم‭ ‬قلبه‭!‬

وعندما‭ ‬يشعر‭ ‬باقتراب‭ ‬موته،‭ ‬فهو‭ ‬يغني‭ ‬بوجع،‭ ‬أغنيته‭ ‬الأخيرة‭!‬

  ‬ألا‭ ‬نجد‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الطائر،‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬غير‭ ‬المرئي‭ ‬مرئياً،‭ ‬فنكتشف‭ ‬ان‭ ‬السرد‭ ‬الإنجيلي‭ ‬للعشاء‭ ‬السري،‭ ‬ذكرى‭ ‬تضحية‭ ‬المسيح،‭ ‬يصبح‭ ‬حدثاً‭ ‬وسراً،‭ ‬عندما‭ ‬يعلن‭ ‬في‭ ‬الاحتفال‭ ‬بسر‭ ‬القربان‭ ‬المقدس‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التضرع‭ ‬للروح‭ ‬القدس؟‭!‬

  ‬ألا‭ ‬يجعلنا‭ ‬نستعيد،‭ ‬أهمية‭ ‬دم‭ ‬المسيح‭ ‬المتوسل،‭ ‬الذي‭ ‬يغذينا‭ ‬بجسده‭ ‬ودمه‭ ‬الأقدسين،‭ ‬ترياقاً‭ ‬لضعفنا،‭ ‬وشفاءاً‭ ‬من‭ ‬خطايانا؟‭!‬

  ‬ألا‭ ‬يجعلنا‭ ‬نشعر‭ ‬بالجوع‭ ‬لأشياء‭ ‬من‭ ‬الله،‭ ‬فنشتهي‭ ‬حياة‭ ‬يسوع،‭ ‬ونأكل‭ ‬بحرية‭ ‬من‭ ‬الخبز‭ ‬الروحي‭ ‬حتى‭ ‬الاكتفاء،‭ ‬مستخرجين‭ ‬منه‭ ‬الحياة،‭ ‬والعناصر‭ ‬الثمينة؟‭..‬

  ‬ألا‭ ‬يجعلنا‭ ‬نركز‭ ‬على‭ ‬جراحات‭ ‬المسيح‭ ‬المجيدة،‭ ‬ونجعل‭ ‬آلامه‭ ‬حدثاً‭ ‬يرافقنا،‭ ‬ويجعل‭ ‬حياتنا‭ ‬موجهة‭ ‬تماماً‭ ‬بالحب،‭ ‬والرجاء؟‭!..‬

  ‬ألا‭ ‬تجعلنا‭ ‬أغنيته‭ ‬الأخيرة،‭ ‬أن‭ ‬ننصت‭ ‬بخشوع،‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬الذي‭ ‬ترك‭ ‬عرشه‭ ‬الإلهي‭ ‬مدفوعاً‭ ‬نحو‭ ‬الصليب‭ ‬بقوة‭ ‬حبه،‭ ‬وهو‭ ‬يردد‭ ‬أحلى‭ ‬وأروع‭ ‬كلمات،‭ ‬وهو‭ ‬ينزف‭ ‬دم‭ ‬قلبه‭ ‬‭”‬قد‭ ‬أكمل‭”‬،‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬نجعلها،‭ ‬حصرياً،‭ ‬كتعبير‭ ‬يطلق‭ ‬على‭ ‬آخر‭ ‬عمل‭ ‬انتجه‭ ‬شاعر،‭ ‬أو‭ ‬أديب،‭ ‬أو‭ ‬موسيقار،‭ ‬أو‭ ‬فنان؟‭!..‬

  ‬ألا‭ ‬تجعلنا‭ ‬طيور‭ ‬البجع،‭ ‬التي‭ ‬تأهلت‭ ‬لتلقي‭ ‬علينا‭ ‬كلمة‭ ‬السماء،‭ ‬أن‭ ‬نخجل‭ ‬لرفضنا‭ ‬تلك‭ ‬الثروة‭ ‬الوفيرة‭ ‬من‭ ‬التأمل‭ ‬في‭ ‬محيطات‭ ‬كوكبنا،‭ ‬في‭ ‬أشجار‭ ‬قارتنا،‭ ‬وفي‭ ‬حيوانات‭ ‬أرضنا؟‭!..‬

  ‬ان‭ ‬طيور‭ ‬البجع،‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬الأصوات‭ ‬السماوية،‭ ‬التي‭ ‬تدعونا؛‭ ‬لكي‭ ‬ننحني‭ ‬بما‭ ‬يكفي‭ ‬لسماع‭ ‬شهادتها‭ ‬عن‭ ‬ذلك‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يترك‭ ‬نفسه‭ ‬بلا‭ ‬شاهد‭ ‬من‭ ‬خليقته،‭ ‬ان‭ ‬كنا‭ ‬نريد،‭ ‬حقاً،‭ ‬أن‭ ‬نشترك‭ ‬في‭ ‬الطبيعة‭ ‬الإلهية؟‭! …‬

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى