فى البدء أحب الله العالم وقبل أن يخلق الإنسان خلق له كل شئ لانه أحبه وخلق داخل الإنسان مشاعر حب لكل البشر ولكنه سرعان ما تغير سلوكه وأحدث أول جريمة فى التاريخ وهى قتل الاخ لأخيه ومنذ ذلك الوقت والحب فى صراع مع الكراهية ولمن الانتصار فى النهاية لا أحد يعلم. يعتبر الحب هو أساس الحياة ولا يمكن العيش دون وجودها بين الناس حيث ستتحول الحياة إلى غابة كبيرة تحكمها السيطرة والظلم والمصالح الشخصية لذلك يعد الحب من أسمى المشاعر الإنسانية التي يجب أن يتحلى بها كل إنسان فهو هدية ربانية لا تقدر بثمن. وأبدع الفلاسفة فى وصف الحب فقيل أنه عبارة عن كلمة غير مرتبطة بشيء حقيقي أو محسوس ويمكن القول إنه شى لا يمكن إدراكه بالعقل أو شرحه بالمنطق وإن الحب هو ما يجعل الإنسان يظهر بشخصيته الحقيقية قد بدأت فلسفة الحب عند الإغريق حيث كانوا يرون أن الحب هو من الدعامات الأساسية للفلسفة وشرعوا في بناء النظريات المتعددة التي طورت الحب من مفهومه المادي إلى مفهومه الروحي في أعلى سماته مروراً بكون الحب صفة أساسية وجينية تظهر آثارها في سلوك الكائنات الحية أما الفيلسوف أفلاطون قال أن الحب سلسلة من المشاعر والأحاسيس التي تسيطر عليها الرغبة الحيوانية وقد عبر أفلاطون عن الشخص الباحث عن الحب بأنه نصف يبحث عن نصفه الآخر كما رأى أن الحب ما هو إلا وسيلة للخلاص فهو الطريق نحو التحرر الفكري والعاطفي الذي يقود الإنسان إلى حريته. والحب أنواع وأشكال ودرجات تختلف باختلاف الطبيعة السيكولوجية للإنسان ومنها الحب العاطفى فأذا كان العالم المعاصر يحتفى بأسمى وأرق عاطفة إنسانية وجعل لها عيدا وهو عيد الحب فإن المصريين القدماء عرفوا تلك العاطفة السامية التى كانت موضوعا دارت حوله العديد من الاساطير. كانت ألفاظ الحبيب والمحبوبة تجرى دائما على ألسنة قدماء المصريين وتعد قصة الحب الاسطورية الخالدة بين إيزيس وأوزوريس من أشهر القصص حيث أحبت إيزيس زوجها حبا قويا واخلصت له وجمعت أشلائه من النيل وهناك أيضا قصة حب نفرتيتى لزوجها إخناتون فنحن من عرفنا الحب فى أول حضارة للتاريخ وتعلم منا العالم بأسره معنى وقيم الحب بكل أنواعه. وهناك أيضا نوع مميز من الحب وهو حب الصداقة ويفسر بكونه علاقة حسن النية المشتركة ويعتقد العلامة أرسطو بأن الشخص يمكن أن يحسن الظن لشخص آخر في ثلاث حالات: شخص صالح ولطيف والأهم أن يكون طيب والصداقات التي تأسست على خير تدوم ليس لأجل المنفعة المتبادلة فحسب بل لبناء الثقة وحسن الصحبة أيضاً يطمح الأصدقاء الحقيقيون للعيش معًا بعلاقة مخلصة يتعرفوا فيها على بعضهم عن كثب يتشاركون آمالهم ويصارحون بعضهم في عيوبهم فهم في الواقع سيكونون بمثابة العلاج النفسي لبعضهم البعض. وهناك أيضا الحب الاسرى أو العائلى وهو نوع مختلف من فيليا متعلق بالحب بين الآباء وأبنائهم خاصة مع الأطفال الأصغر سنًا فتكون مشاعر حب من طرف واحد أو غير متماثلة وبصورة عامة فإن هذا النوع من الحب معزز بالألفة أو الاعتماد على الطرف الآخر. وأخطرهم حب الذات أو ما يسمى بالانانية يتصف به أناس يضعون مصالحهم الشخصية فوق المصلحة العظمى وشعور المرء بمكانته أو قدراته أو إنجازاته فيتحول طاقة الحب لديه إلى نرجسيه مفرطة. وختاما أعظمهم حب الله هو وأرقى وأنقى أنواع الحب حيث إنه يبنى على الإحساس بوجود الله فى حياتنا وهذا ينعكس على حب الخير للآخرين والدعوة لهم بالطيب والأمن والسلام وراحة البال حتى لو لم تربطنا بهم أي روابط شخصية فالله خلقنا محبين للبشر بكافة أجناسهم وأعراقهم والالوانهم وعقائدهم وفى كل الاديان تجد الحب سمه أساسية فى ركائز الدين ومنحه سماوية غرزها الله فى قلوب البشر منهم من حافظ عليها وربح منها نفوس أخرى ومنهم من لفظها وصارت لهم عدوات وقساوة قلب. أذا كانت محبة المال أصل كل الشرور فالمحبة فقط أصل كل الخير ومن يحب يشعر بأنه يسمو ويرتقى نفسيا وعقليا تتجه بوصلة ضميره إلى تمنى الخير لكل البشر ويطبع بصمة فى قلوب الجميع فيؤثر بداخلهم أيجابيا ويرد له أن أجلا أو عاجلا فقد تولد السعادة من حب الغير ويولد الشقاء من حب الذات. حقا الحياة تعلمك الحب والتجارب تعلمك من تحب والمواقف تعلمك من يحبك فقد خلقنا الله بقلوب لحمية تشعر بكل من حولها وتتولد الرحمة والمودة فتنشئ سلوك وأسلوب حياة ومع تجارب الحياة تتجه تلك القلوب الى من تحبه بشكل عفوي لا ارداى ومن المواقف تتعلم من يحبك حقا ومن كان يصطنع هذا الحب. الله محبة ومن لا يحب لا يعرف الله فكل شى في هذا الكون قائم على علاقة الحب وكل شخص مسؤل عن وجود هذا الحبفى الحياة من أجل البقاء والعيش المشترك بين الشعوب والأمم وبرغم ما تشهده الحياة من صراعات وحروب فهى حتما ستنتهى كما أنتهى ما قبلها وسيبقى الحب حئ فى نفوس من على الأرض فالحب قدر وليس أختيار.