سامح فريد

الجرائم الالكترونية الدولية

بقلم/ سامح فريد سليم

تاتى‭ ‬خطورة‭ ‬الجرائم‭ ‬الالكترونية‭ ‬بانها‭ ‬جرائم‭ ‬عابرة‭ ‬للحدود‭ ‬اى‭ ‬جرائم‭ ‬دولية‭ ‬فهى‭ ‬يمكن‭ ‬ان‭ ‬ترتكب‭ ‬داخل‭ ‬حدود‭ ‬الدولة‭ ‬الواحدة‭ ‬فاذا‭ ‬كان‭ ‬المجنى‭ ‬عليه‭ ‬والجانى‭ ‬داخل‭ ‬حدود‭ ‬الدولة‭ ‬الواحدة‭ ‬يسهل‭ ‬على‭ ‬على‭ ‬السلطات‭ ‬المختصة‭ ‬ملاحقة‭ ‬الجانى‭ ‬والقبض‭ ‬عليه‭ ‬وتقديمه‭ ‬للمحاكمة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬السلطات‭ ‬القضائية‭ ‬المحلية‭ ‬للدولة‭ ‬التى‭ ‬ارتكب‭ ‬على‭ ‬ارضها‭ ‬الفعل‭ ‬الاجرامى‭ ‬اما‭ ‬اذا‭ ‬كان‭ ‬الجانى‭ ‬مرتكب‭ ‬الفعل‭ ‬الاجرامى‭ ‬فى‭ ‬دولة‭ ‬اخرى‭ ‬اصبحت‭ ‬الجريمة‭ ‬الالكترونية‭ ‬فى‭ ‬هذه‭ ‬الحالة‭ ‬جريمة‭ ‬دولية‭ ‬وتنعكس‭ ‬اثارها‭ ‬على‭ ‬المجنى‭ ‬عليه‭ ‬الذى‭ ‬يعيش‭ ‬فى‭ ‬دولة‭ ‬اخرى‭ ‬وهنا‭ ‬تصعب‭ ‬على‭ ‬سلطات‭ ‬دولة‭ ‬المجنى‭ ‬عليه‭ ‬ملاحقة‭ ‬الجانى‭ ‬لانه‭ ‬يعيش‭ ‬فى‭ ‬دولة‭ ‬اخرى‭ ‬فاذا‭ ‬كانت‭ ‬العلاقات‭ ‬الدولية‭ ‬بين‭ ‬الدولتين‭ ‬سيئة‭ ‬اوليس‭ ‬هناك‭ ‬معاهدة‭ ‬تبادل‭ ‬المجرمين‭ ‬وتسليمهم‭ ‬فيسهل‭ ‬فى‭ ‬هذه‭ ‬الحالة‭ ‬افلات‭ ‬الجانى‭ ‬من‭ ‬العقاب‭ ‬واستمراره‭ ‬فى‭ ‬ايذاء‭ ‬الاخرين‭ ‬فى‭ ‬دولة‭ ‬اخرى.

والجريمة‭ ‬الالكترونية‭ ‬الدولية‭ ‬هى‭ ‬جريمة‭ ‬مكتملة‭ ‬الاركان‭ ‬فالركن‭ ‬الشرعى‭ ‬وهو‭ ‬لا‭ ‬جريمة‭ ‬ولا‭ ‬عقوبة‭ ‬الا‭ ‬بنص‭ ‬فى‭ ‬القانون‭ ‬والركن‭ ‬المادى‭ ‬وهو‭ ‬اتيان‭ ‬الجانى‭ ‬الفعل‭ ‬الاجرامى‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬عمل‭ ‬مادى‭ ‬قام‭ ‬به‭ ‬والركن‭ ‬المعنوى‭ ‬وهو‭ ‬القصد‭ ‬الجنائى‭ ‬للاضرار‭ ‬بالغير‭ ‬وبين‭ ‬الفعل‭ ‬الاجرامى‭ ‬ونتيجته‭ ‬واثره‭ ‬على‭ ‬المجنى‭ ‬عليه‭ ‬علاقة‭ ‬السببية‭ ‬التى‭ ‬تربط‭ ‬بينهما.

وتكمن‭ ‬صعوبة‭ ‬هذه‭ ‬الجرائم‭ ‬فى‭ ‬كيفية‭ ‬اثباتها‭ ‬فعبء‭ ‬الاثبات‭ ‬يكون‭ ‬دائما‭ ‬على‭ ‬المدعى‭ ‬فاذا‭ ‬لم‭ ‬تتعاون‭ ‬الهيئات‭ ‬والمؤسسات‭ ‬الدولية‭ ‬الالكترونية‭ ‬مع‭ ‬شخص‭ ‬المدعى‭ ‬اصبح‭ ‬الامر‭ ‬اكثر‭ ‬صعوبة‭ ‬او‭ ‬يكاد‭ ‬ان‭ ‬يكون‭ ‬مستحيلا‭ ‬احيانا.‮ ‬

وفى‭ ‬شان‭ ‬سرد‭ ‬بعض‭ ‬انواع‭ ‬الجرائم‭ ‬الالكترونية‭ ‬الدولية‭ ‬تاتى‭ ‬فى‭ ‬مقدمتها‭ ‬الجرائم‭ ‬التى‭ ‬تمس‭ ‬الشان‭ ‬العام‭ ‬للدول‭ ‬ومصالحها‭ ‬وامنها‭ ‬القومى‭ ‬او‭ ‬الاقتصادى‭ ‬مثل‭ ‬جرائم‭ ‬القرصنة‭ ‬واختراق‭ ‬اجهزة‭ ‬الحواسب‭ ‬لحكومات‭ ‬ودول‭ ‬او‭ ‬وزارات‭ ‬وايضا‭ ‬اختراق‭ ‬الهواتف‭ ‬المحمولة‭ ‬لكبار‭ ‬المسئولين‭ ‬فى‭ ‬الدولة‭ ‬وايضا‭ ‬اختراق‭ ‬الحسابات‭ ‬البنكية‭ ‬لكشف‭ ‬حسابات‭ ‬اشخاص‭ ‬او‭ ‬دول‭ ‬او‭ ‬مسئولين‭ ‬كبار‭ ‬او‭ ‬استخدام‭ ‬اجهزة‭ ‬الطباعة‭ ‬بالليزر‭ ‬فى‭ ‬تزييف‭ ‬العملات‭ ‬والاختام‭ ‬الدولية.

اما‭ ‬فى‭ ‬الشان‭ ‬الخاص‭ ‬فتاتى‭ ‬هذه‭ ‬الجرائم‭ ‬فى‭ ‬المرتبة‭ ‬التالية‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الاشخاص‭ ‬العاديين‭ ‬او‭ ‬شخصيات‭ ‬عامة‭ ‬او‭ ‬فنية‭ ‬او‭ ‬دينية‭ ‬او‭ ‬سياسية‭ ‬بسبب‭ ‬الافكار‭ ‬او‭ ‬المعتقدات‭ ‬او‭ ‬للانتقام‭ ‬بصفة‭ ‬شخصية‮ ‬‭ ‬من‭ ‬شخص‭ ‬ما‭ ‬فالمحامى‭ ‬ورجل‭ ‬الشرطة‭ ‬ورجل‭ ‬الدين‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬واقعين‭ ‬تحت‭ ‬مرمى‭ ‬التهديد‭ ‬الدائم‭ ‬بسبب‭ ‬المهنة‭ ‬او‭ ‬المعتقد‭ ‬كتزوير‭ ‬المستندات‭ ‬او‭ ‬الاوراق‭ ‬او‭ ‬الاختام‭ ‬باستخدام‭ ‬الكمبيوتر‭ ‬للتشهير‭ ‬او‭ ‬الانتقام‭ ‬او‭ ‬تركيب‭ ‬صور‭ ‬لشخص‭ ‬ما‭ ‬على‭ ‬افلام‭ ‬اباحية‭ ‬بغرض‭ ‬الاساءة‭ ‬للغير‭ ‬او‭ ‬تستخدم‭ ‬احيانا‭ ‬اخرى‭ ‬لاخفاء‭ ‬الحقائق‭ ‬او‭ ‬لافشاء‭ ‬اسرار‭ ‬شخصية.

وللقضاء‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬الجرائم‭ ‬الدولية‭ ‬العابرة‭ ‬للحدود‭ ‬يستلزم‭ ‬ذلك‭ ‬امرين.

الامر‭ ‬الاول‮ ‬‭ -‬‮ ‬‭ ‬وهو‭ ‬فى‭ ‬الشان‭ ‬الامنى‭ ‬والقضائى‭ ‬الداخلى‭ ‬للدولة‭ ‬كوضع‭ ‬تشريعات‭ ‬اشد‭ ‬صرامة‭ ‬فى‭ ‬انتهاك‭ ‬الخصوصية‭ ‬والمراقبة‭ ‬المستمرة‭ ‬والسيطرة‭ ‬ومن‭ ‬الافضل‭ ‬تشكيل‭ ‬محاكم‭ ‬ونيابات‭ ‬متخصصة‭ ‬لديها‭ ‬مايؤهلها‭ ‬فنيا‭ ‬ودوليا‭ ‬فى‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬الجرائم‭ ‬وتكون‭ ‬بمثابة‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬التدابير‭ ‬الاحترازية‭ ‬التى‭ ‬يمكن‭ ‬ان‭ ‬تمنع‭ ‬الجريمة‭ ‬قبل‭ ‬وقوعها‭ ‬لتحقيق‭ ‬الردع‭ ‬العام‭ ‬للمجتمع‭ ‬والردع‭ ‬الخاص‭ ‬لمرتكب‭ ‬الواقعة.

اما‭ ‬الامر‭ ‬الثانى‮ ‬‭ -‬‮ ‬‭ ‬وهو‭ ‬فى‭ ‬الشان‭ ‬الامنى‭ ‬والقضائى‭ ‬الدولى‭ ‬كانعقاد‭ ‬المؤتمرات‭ ‬الجنائية‭ ‬الدولية‮ ‬‭ ‬بصفة‭ ‬مستمرة‭ ‬تحت‭ ‬مظلة‭ ‬الامم‭ ‬المتحدة‭ ‬لوضع‭ ‬تشريعات‭ ‬دولية‭ ‬لسهولة‭ ‬ملاحقة‭ ‬الجانى‭ ‬فى‭ ‬اى‭ ‬دولة‭ ‬كان‭ ‬اذا‭ ‬صدر‭ ‬ضده‭ ‬حكم‭ ‬غيابى‭ ‬فى‭ ‬دولة‭ ‬اخرى‭ ‬اما‭ ‬بتسليمه‭ ‬للدولة‭ ‬التى‭ ‬صدر‭ ‬منها‭ ‬الحكم‭ ‬او‭ ‬تنفيذ‭ ‬الحكم‭ ‬الصادر‭ ‬عليه‭ ‬فى‭ ‬نفس‭ ‬الدولة‭ ‬التى‭ ‬يعيش‭ ‬على‭ ‬ارضها‭ ‬وذلك‭ ‬بموجب‭ ‬نشرة‭ ‬قضائية‭ ‬دولية‭ ‬تصدر‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الانتربول‭ ‬الدولى‭ ‬والمحكمة‭ ‬الجنائية‭ ‬الدولية‭ ‬وهما‭ ‬الجهازين‭ ‬المنوط‭ ‬بهما‭ ‬تنفيذ‭ ‬الاحكام‭ ‬الصادرة‭ ‬وتفعيلها‭ ‬وللقضاء‭ ‬ايضا‭ ‬على‭ ‬مسئلة‭ ‬تنازع‭ ‬الاختصاص‭ ‬القضائى‭ ‬بين‭ ‬الدول.

وفى‭ ‬النهاية‭ ‬اذا‭ ‬لم‭ ‬يتكاتف‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولى‭ ‬فى‭ ‬مواجهة‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬الجرائم‭ ‬الدولية‭ ‬فستح‭ ‬كوارث‭ ‬اخرى‭ ‬لا‭ ‬محالة‭ ‬نظرا‭ ‬للتطور‭ ‬التكنولوجى‭ ‬السريع‭ ‬فى‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭.‬

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى