لينا خورى

ابـتـهــال الصـمــت

بقلم/ لينا خورى

لنبتهل‭ ‬بصمت،‭ ‬لبرهة‭ ‬مسروقة‭ ‬من‭ ‬الزمن‭ ‬الراكض‭… ‬ليكن‭ ‬ابتهال‭ ‬حر‭ ‬من‭ ‬قيود‭ ‬الزمان‭ ‬والمكان‭… ‬نقف‭ ‬أمام‭ ‬باب‭ ‬عالمِ‭ ‬سرمدي،‭ ‬نهمس‭ ‬بكلماتٍ‭ ‬أو‭ ‬نحاور‭ ‬اللا‭ ‬مرئي‭ ‬بتجرد،ٍ‭ ‬كالهمسات‭ ‬الأولى‭ ‬للحياة‭.‬

لنترك‭ ‬لعيوننا‭ ‬الخفية‭ ‬تروي‭ ‬ما‭ ‬شاهدت‭ ‬في‭ ‬سفر‭ ‬الحيــاة‭ ‬المتــعــب وليكــن‭ ‬صمتــنــا‭ ‬إدراك‭ ‬وتضــرّع‭.‬

لنتأمــل‭ ‬في‭ ‬كلــمــاتٍ‭ ‬خطتــهــا‭ ‬أقــلام مدادها‭ ‬من‭ ‬محبرة‭ ‬شرايين‭ ‬الأيام‭.‬

لنتســــاءل‭ ‬عــــن‭ ‬حكمــــة‭ ‬ســنــوات‭ ‬هربت‭ ‬واختبأت‭ ‬في‭ ‬دفاتر‭ ‬الزمان‭.‬

ليكن‭ ‬ابتهالنا‭ ‬كإصغاء‭ ‬إلى‭ ‬صوت‭ ‬حزين تقرعه‭ ‬أجراسٌ‭ ‬عتيقة‭ ‬في‭ ‬كاتدرائية‭ ‬كهلة‭. ‬

ولنهديه‭ ‬بكرم‭ ‬السماء،‭ ‬لعيونٍ‭ ‬تائهة‭ ‬في‭ ‬بحر‭ ‬الغربة،‭ ‬تبحث‭ ‬عن‭ ‬ميناء‭ ‬أمان‭. ‬لعجوز‭ ‬يبكي‭ ‬بحسرةٍ‭ ‬تحرق‭ ‬صفحة‭ ‬قدره‭. ‬لبائع‭ ‬ألوان‭ ‬الطفولة‭ ‬ودواليب‭ ‬الهواء‭ ‬الورقية‭ ‬على‭ ‬ناصية‭ ‬شارع‭ ‬منسي‭.‬

لطفلٍ‭ ‬في‭ ‬عيونه‭ ‬دمعةً‭ ‬أسيرة‭ ‬حقدٍ،‭ ‬على‭ ‬عالم‭ ‬سفح‭ ‬ابتسامته‭ ‬أمام‭ ‬أصنام‭ ‬الجبروت‭ ‬والغضب‭. ‬لمن‭ ‬تُحرق‭ ‬إنسانيتهم‭ ‬بخوراً‭ ‬على‭ ‬مذابح‭ ‬الرغبة‭ ‬والامتلاك وعبادة‭ ‬الذات‭ ‬المشوهة‭. ‬لكل‭ ‬أنثى تضع‭ ‬وليدها‭ ‬هامسةً‭ ‬صلاة‭ ‬صغيرة‭ ‬في‭ ‬أذنه‭ ‬تنشد‭ ‬السلام‭ ‬لنفسه‭ ‬وللعالم‭.‬

ليدٍ‭ ‬تضم‭ ‬غلة‭ ‬قمحٍ‭ ‬مغلفة‭ ‬ببسملة‭ ‬الخير وتذروها‭ ‬في‭ ‬رحم‭ ‬الأرض‭. ‬لحاكمٍ‭ ‬بأمر‭ ‬العدل‭ ‬والحق،‭ ‬ليضيء‭ ‬شمعة‭ ‬رأفة‭ ‬وأمل‭ ‬في‭ ‬ظلام‭ ‬الزمن‭ ‬المتهاوي‭. ‬لمن‭ ‬يملكون‭ ‬الشباب‭ ‬قلباً‭ ‬وفكراً‭ ‬وعملاً‭ ‬لأنهم‭ ‬زيت‭ ‬قنديل‭ ‬الحياة‭.‬

لعاشقين‭ ‬مسافرين‭ ‬في‭ ‬رمادية‭ ‬الحياة،‭ ‬على‭ ‬نغمات‭ ‬بيانٍ‭ ‬حنونة‭ ‬في‭ ‬مقهى‭ ‬عتيق‭. ‬لصاحب‭ ‬كفٍ‭ ‬رسمت‭ ‬خطوطها‭ ‬الكرم،‭ ‬وبدون‭ ‬سؤال‭ ‬منحت‭ ‬أناملها‭ ‬الفرح‭ ‬لقلوبٍ‭ ‬كسيرة‭. ‬لكل‭ ‬مرنمٍ‭ ‬وداعٍ‭ ‬وساعٍ‭ ‬لرسم‭ ‬العالم‭ ‬بألوانٍ‭ ‬زاهية‭ ‬متوائمة‭ ‬مع‭ ‬قوس‭ ‬قزح‭.‬ٍ

لنقف‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬المبتهلين‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬الرافعين‭ ‬أذرعهم‭ ‬لنورٍ‭ ‬يفتح‭ ‬أبواب‭ ‬القلوب‭ ‬المغلقة،‭ ‬لشمس‭ ‬السلام‭ ‬والمصالحة‭ ‬مع‭ ‬الذات‭ ‬‮…‬‭ ‬فتنموا‭ ‬قمحة‭ ‬الحب،‭ ‬وتشبع‭ ‬كل‭ ‬النفوس‭ ‬الجائعة‭ ‬للوئام‭ ‬والتآخي‭ ‬والفرح،‭ ‬كرقصة‭ ‬السعادة‭ ‬للعصافير‭ ‬العائدة‭ ‬إلى‭ ‬موطنها‭ ‬الدافئ‭.‬

عام‭ ‬سلام‭ ‬لسوريا‭ ‬وللعالم‭ ‬أجمع.‭ ‬

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى