سامح فريد

العلاقات الدولية أساس البنـاء الداخلي للدولـة

بقلم/ سامح فريد سليم

ان‭ ‬العلاقات‭ ‬الدولية‭ ‬ليست‭ ‬لها‭ ‬مفهوم‭ ‬واحد‭ ‬كما‭ ‬يظن‭ ‬البعض‭ ‬انة‭ ‬يتلخص‭ ‬في‭ ‬المعاهدات‭ ‬الدولية‭ ‬فقط‭ ‬او‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬احكام‭ ‬وسيادة‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬وعدم‭ ‬انتهاكة‭ ‬فقط‭ ‬وانما‭ ‬العلاقات‭ ‬الدولية‭ ‬تعني‭ ‬اشياء‭ ‬اكثر‭ ‬بكثير‭ ‬في‭ ‬مفهوم‭ ‬الدولة‭ ‬الحديثة‭ ‬الاعم‭ ‬والاشمل‭ ‬تتعلق‭ ‬بكل‭ ‬دقائق‭ ‬وتفاصيل‭ ‬الامور‭ ‬الصغية‭ ‬والكبيرة‭ ‬داخل‭ ‬وخارج‭ ‬الدولة‭ ‬الواحدة‭ ‬لان‭ ‬العلاقات‭ ‬الدولية‭ ‬بمفهومها‭ ‬الواسع‭ ‬تعني‭ ‬الدخول‭ ‬الى‭ ‬تفاصيل‭ ‬دقيقة‭ ‬تتعلق‭ ‬بعلاقة‭ ‬الفرد‭ ‬المواطن‭ ‬داخل‭ ‬الدولة‭ ‬بشخص‭ ‬اجنبي‭ ‬يزور‭ ‬البلاد‭ ‬للسياحة‭ ‬او‭ ‬التجارة‭ ‬او‭ ‬العلاج‭ ‬او‭ ‬غير‭ ‬ذلك‭ ‬وهي‭ ‬تعتبر‭ ‬ابسط‭ ‬العلاقات‭ ‬الدولية‭ ‬كالعلاقة‭ ‬بالسائح‭ ‬الاجنبي‭ ‬مثلا‭ ‬لان‭ ‬بناء‭ ‬العلاقات‭ ‬الدولية‭ ‬لا‭ ‬ياتي‭ ‬من‭ ‬الخارج‭ ‬فقط‭ ‬ممثلا‭ ‬في‭ ‬سلطة‭ ‬الدولة‭ ‬ولكنة‭ ‬ياتي‭ ‬من‭ ‬الداخل‭ ‬ايضا‭ ‬ممثلا‭ ‬في‭ ‬افراد‭ ‬الشعب‭ ‬وكيفية‭ ‬تعاملهم‭ ‬اليومي‭ ‬مع‭ ‬هيئات‭ ‬او‭ ‬منظمات‭ ‬دولية‭ ‬او‭ ‬شركات‭ ‬متعددة‭ ‬الجنسيات‭ ‬اجنبية‭ ‬او‭ ‬بنوك‭ ‬اجنبية‭ ‬او‭ ‬رجال‭ ‬اعمال‭ ‬اجانب‭ ‬او‭ ‬سياحة‭ ‬او‭ ‬افراد‭ ‬عاديين‭ ‬فلا‭ ‬نستطيع‭ ‬اهمال‭ ‬كل‭ ‬هذة‭ ‬الجوانب‭ ‬السابقة‭ ‬في‭ ‬كونها‭ ‬تساعد‭ ‬بصورة‭ ‬او‭ ‬باخرى‭ ‬على‭ ‬نمو‭ ‬العلاقات‭ ‬الدولية‭ ‬بطريقة‭ ‬غير‭ ‬مباشرة‭ ‬اي‭ ‬على‭ ‬الطريقة‭ ‬الشعبية‭ ‬بين‭ ‬الشعوب‭ ‬وهنا‭ ‬الاساس‭ ‬في‭ ‬قيام‭ ‬هذة‭ ‬العلاقات‭ ‬الدولية‭ ‬الشعبية‭ ‬وهي‭ ‬ارساء‭ ‬ثقافة‭ ‬قبول‭ ‬الاخر‭ ‬الذي‭ ‬يختلف‭ ‬اختلافا‭ ‬جوهريا‭ ‬معك‭ ‬والاحترام‭ ‬المتبادل‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬احترام‭ ‬سيادة‭ ‬وقوانبين‭ ‬الدولة‭ ‬على‭ ‬اراضيها‭ ‬اما‭ ‬المفهوم‭ ‬المحدد‭ ‬في‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬للعلاقات‭ ‬الدولية‭ ‬هو‭ ‬احترام‭ ‬نصوص‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬والمعاهدات‭ ‬الدولية‭ ‬واغفالها‭ ‬اوتجاوزها‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬الدولية‭ ‬يودي‭ ‬الى‭ ‬نتائج‭ ‬خطيرة‭ ‬مرعبة‭   ‬كما‭ ‬حدث‭ ‬في‭ ‬الماضي‭.‬

    ‬فاذا‭ ‬عندنا‭ ‬نسترجع‭ ‬الاحداث‭ ‬الماضية‭ ‬لناخذ‭ ‬العبرة‭ ‬من‭ ‬التاريخ‭ ‬السياسي‭ ‬لدول‭ ‬عزلت‭ ‬نفسها‭ ‬سياسيا‭ ‬عن‭ ‬العالم‭ ‬الخارجي‭ ‬وعزلت‭ ‬شعبها‭ ‬عن‭ ‬القيام‭ ‬بالدور‭ ‬الشعبي‭ ‬في‭ ‬العلاقات‭ ‬الدولية‭ ‬فسجنت‭ ‬نفسها‭ ‬وسجنت‭ ‬شعبها‭ ‬في‭ ‬فقص‭ ‬الدولة‭ ‬الحديدي‭ ‬الذي‭ ‬هو‭ ‬بلا‭ ‬اسوار‭ ‬حقيقية‭ ‬فهي‭ ‬اسوار‭ ‬وهمية‭ ‬وضعها‭ ‬الحاكم‭ ‬وايده‭ ‬شعب‭ ‬جاهل‭ ‬دون‭ ‬او‭ ‬ثقافة‭.‬

ان‭ ‬العلاقات‭ ‬الدولية‭ ‬تمر‭ ‬بمراحل‭ ‬نمو‭ ‬مختلفة‭ ‬تسير‭ ‬في‭ ‬محورين‭ ‬متوازيين‭ ‬ومتوازنين‭ ‬وهما‭ ‬العلاقات‭ ‬الدولية‭ ‬في‭ ‬اطار‭ ‬سلطة‭ ‬الدولة‭ ‬الحاكمة‭ ‬وعلاقاتها‭ ‬بالدول‭ ‬الاخرى‭ ‬والمنظمات‭ ‬الدولية‭ ‬والمعاهدات‭.‬

والجانب‭ ‬الاخر‭ ‬وهو‭ ‬العلاقات‭ ‬الدولية‭ ‬الشعبية‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التعامل‭ ‬اليومي‭ ‬للموطن‭ ‬العادي‭ ‬البسيط‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬اجنبي‭ ‬على‭ ‬ارض‭ ‬هذة‭ ‬الدولة‭ ‬وفي‭ ‬التاريخ‭ ‬الحديث‭ ‬والمعاصر‭ ‬لاتستطيع‭ ‬دولة‭ ‬مهما‭ ‬كانت‭ ‬قوتها‭ ‬او‭ ‬سطوتها‭ ‬ان‭ ‬تعيش‭ ‬بمعزل‭ ‬عن‭ ‬الدول‭ ‬الاخرى‭ ‬او‭ ‬تنأى‭ ‬عن‭ ‬التعامل‭ ‬معها‭ ‬لان‭ ‬كل‭ ‬الدول‭ ‬تحتاج‭ ‬الى‭ ‬بعضها‭ ‬البعض‭ ‬في‭ ‬القضايا‭ ‬الدولية‭ ‬وياتي‭ ‬مثالا‭ ‬لذلك‭ ‬انعدام‭ ‬الاستقرار‭ ‬في‭ ‬الصومال‭ ‬ادى‭ ‬الى‭ ‬القرصنة‭ ‬البحرية‭ ‬التي‭ ‬تهدد‭ ‬الملاحة‭ ‬الدولية‭ ‬في‭ ‬مضيق‭ ‬باب‭ ‬المندب‭ ‬والسواحل‭ ‬المطلة‭ ‬على‭ ‬الصومال‭ ‬وجعل‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وكبرى‭ ‬دول‭ ‬اوربا‭ ‬تنظر‭ ‬دائما‭ ‬بعين‭ ‬الاعتبار‭ ‬الى‭ ‬هذة‭ ‬المنطقة‭ ‬المهملة‭ ‬من‭ ‬العالم‭ ‬والتى‭ ‬اصبحت‭ ‬خطيرة‭ ‬وان‭ ‬كانت‭ ‬الصومال‭ ‬ليست‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الكبرى‭ ‬فتشابك‭ ‬المصالح‭ ‬الدولية‭ ‬يجعل‭ ‬هذة‭ ‬المنطقة‭ ‬الحيوية‭ ‬للملاحة‭ ‬البحرية‭ ‬تمثل‭ ‬تهديدا‭ ‬حقيقيا‭ ‬لمصالح‭ ‬الدول‭ ‬الكبرى‭.‬

وعلى‭ ‬الجانب‭ ‬الاخر‭ ‬فان‭ ‬البناء‭ ‬الداخلي‭ ‬للدولة‭ ‬يتتطلب‭ ‬الحصول‭ ‬احيانا‭ ‬على‭ ‬المساعدات‭ ‬المالية‭ ‬في‭ ‬هيئة‭ ‬قروض‭ ‬او‭ ‬منح‭ ‬او‭ ‬استثمارات‭ ‬او‭ ‬اسلحة‭ ‬او‭ ‬غير‭ ‬ذلك‭.‬

فلا‭ ‬يستقيم‭ ‬هذا‭ ‬او‭ ‬ذاك‭ ‬بدون‭ ‬العلاقات‭ ‬الدولية‭ ‬السليمة‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الاحترام‭ ‬المتبادل‭ ‬تحت‭ ‬مظلة‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬لان‭ ‬تشابك‭ ‬المصالح‭ ‬الدولية‭ ‬ادى‭ ‬الى‭ ‬انشاء‭ ‬حالة‭ ‬دولية‭ ‬جديدة‭ ‬مختلفة‭ ‬عن‭ ‬العصور‭ ‬السابقة‭ ‬في‭ ‬تامين‭ ‬الطرق‭ ‬البحرية‭ ‬والبحث‭ ‬عن‭ ‬العلوم‭ ‬والتكنولوجيا‭ ‬الحديثة‭ ‬والبحث‭ ‬عن‭ ‬الموارد‭ ‬المعدنية‭ ‬والبترول‭ ‬والغاز‭ ‬الطبيعي‭ ‬وتامين‭ ‬الحدود‭ ‬الدولية‭ ‬والتعاون‭ ‬الدولي‭ ‬في‭  ‬مجال‭ ‬مكافحة‭ ‬جرائم‭ ‬الارهاب‭ ‬الدولي‭ ‬او‭ ‬الجرائم‭ ‬الجنائية‭ ‬الدولية‭ ‬المنظمة‭ ‬وايضا‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬حقوق‭ ‬الانسان‭ ‬وحقوق‭ ‬الاجئين‭ ‬وقضاي‭ ‬المياة‭ ‬والطاقة‭ ‬وغيرها‭.‬

وايضا‭ ‬التعاون‭ ‬الدولي‭ ‬القائم‭ ‬على‭ ‬علاقات‭ ‬دولية‭ ‬جيدة‭ ‬متوازنة‭ ‬يعطي‭ ‬فرصا‭ ‬اكبر‭ ‬لحل‭ ‬المشاكل‭ ‬الداخلية‭ ‬مثل‭ ‬الاقتراض‭ ‬من‭ ‬البنك‭ ‬الدولي‭ ‬لسد‭ ‬العجز‭ ‬في‭ ‬الموازنة‭ ‬الداخلية‭ ‬للدولة‭ ‬احيانا‭ ‬او‭ ‬سد‭ ‬حاجة‭ ‬سريعة‭ ‬ملحة‭ .‬

واخيرا‭ ‬فلا‭ ‬عودة‭ ‬الى‭ ‬الماضي‭ ‬الذي‭ ‬اسقطة‭ ‬التاريخ‭ ‬السياسي‭ ‬من‭ ‬الحسابات‭ ‬لان‭ ‬العودة‭ ‬الى‭ ‬الماضي‭ ‬بمثابة‭ ‬سقوط‭ ‬سياسي‭ ‬اكيد‭ ‬واسقاط‭ ‬للدولة‭ ‬الحديثة‭ ‬وتدميرها‭.‬

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى