سامح فريد

كيفية إصلاح السياسة الأمريكية

بقلم/ سامح فريد سليم

ان‭ ‬السياسة‭ ‬الامريكية‭ ‬الخارجية‭ ‬تفتقد‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬الحقيقية‭ ‬فى‭ ‬العمل‭ ‬السياسى‭ ‬وياتى‭ ‬هذا‭ ‬احيانا‭ ‬من‭ ‬منطق‭ ‬املاءات‭ ‬الدول‭ ‬العظمى‭ ‬وبسط‭ ‬النفوذ‭ ‬والهيمنة‭ ‬العسكرية‭ ‬او‭ ‬القوة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬احيانا‭ ‬كعامل‭ ‬ضغط‭ ‬مباشر‭ ‬او‭ ‬غير‭ ‬مباشر‭ ‬ولكن‭ ‬تاتى‭ ‬اهمية‭ ‬العمل‭ ‬الدبلوماسى‭ ‬ليلعب‭ ‬دور‭ ‬اكبر‭ ‬فى‭ ‬السياسة‭ ‬الامريكية‭ ‬وقد‭ ‬يخفف‭ ‬من‭ ‬وطئة‭ ‬التدخل‭ ‬المباشر‭ ‬فلا‭ ‬تستطيع‭ ‬اى‭ ‬دولة‭ ‬مهما‭ ‬كانت‭ ‬قوتها‭ ‬العسكرية‭ ‬ان‭ ‬تلعب‭ ‬دور‭ ‬شرطى‭ ‬العالم‮ ‬‭ -‬‮ ‬‭ ‬ثم‭ ‬تاتى‭ ‬الكوارث‭ ‬السياسية‭ ‬المتعاقبة‭ ‬عندما‭ ‬ياتى‭ ‬كل‭ ‬رئيس‭ ‬امريكى‭ ‬جديد‭ ‬بمستشارين‭ ‬سياسيين‭ ‬غير‭ ‬مؤهلين‭ ‬لهذا‭ ‬العمل‭ ‬لايقرؤن‭ ‬التاريخ‭ ‬ولا‭ ‬يعلمون‭ ‬شيئا‭ ‬عن‭ ‬الجغرافيا‭ ‬السياسية‭ ‬او‭ ‬ثقافات‭ ‬الشعوب‭ ‬الاخرى.

وعلى‭ ‬الجانب‭ ‬الاخر‭ ‬ايضا‭ ‬تاتى‭ ‬قضية‭ ‬تقليص‭ ‬دور‭ ‬السفراء‭ ‬الامريكيون‭ ‬فى‭ ‬الخارج‭ ‬الى‭ ‬تنفيذ‭ ‬المهام‭ ‬الموكلة‭ ‬اليهم‭ ‬دون‭ ‬استطلاع‭ ‬ارائهم‭ ‬السياسية‭ ‬والامنية‭ ‬بشكل‭ ‬كافى‭ ‬للحكم‭ ‬على‭ ‬المسائل‭ ‬السياسية‭ ‬الشائكة‭ ‬بشكل‭ ‬صحيح‭ ‬وواضح.

‭-‬‮ ‬‭ ‬ومن‭ ‬الاخطاء‭ ‬الكبرى‭ ‬ايضا‭ ‬عدم‭ ‬استعانة‭ ‬الكونجرس‭ ‬بعلماء‭ ‬القانون‭ ‬العام‭ ‬وفقهاء‭ ‬القانون‭ ‬الدستورى‭ ‬والعلاقات‭ ‬الدولية‭ ‬فى‭ ‬وضع‭ ‬اطر‭ ‬للسياسة‭ ‬الخارجىه‭ ‬والاستعانة‭ ‬باناس‭ ‬غير‭ ‬متخصصين‭ ‬قبل‭ ‬اتخاذ‭ ‬قرارات‭ ‬مصيرية‭ ‬او‭ ‬الموافقة‭ ‬على‭ ‬مشروعات‭ ‬قوانين‭ ‬شديدة‭ ‬الخطورة‭ ‬فى‭ ‬الداخل‭ ‬او‭ ‬الخارج‭ ‬ثم‭ ‬يعقب‭ ‬ذللك‭ ‬حالة‭ ‬التخبط‭ ‬السياسى‭ ‬فى‭ ‬الداخل‭ ‬والخارج‭ ‬والصراع‭ ‬بين‭ ‬الجمهوريين‭ ‬والديمقراطيين‭ ‬منذ‭ ‬عصر‭ ‬بوش‭ ‬الاب‭ ‬وحرب‭ ‬العراق‭ ‬واحتدام‭ ‬الصراع‭ ‬بينهما‭ ‬على‭ ‬السلطة.

ونقترح‭ ‬قيام‭ ‬حزب‭ ‬وسط‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬حزب‭ ‬العمال‭ ‬البريطانى‭ ‬لفك‭ ‬هذا‭ ‬الصراع‭ ‬ليلتف‭ ‬حوله‭ ‬ستون‭ ‬فى‭ ‬المائة‭ ‬من‭ ‬الشعب‭ ‬الامريكى‭ ‬لان‭ ‬طبقة‭ ‬العمال‭ ‬اصبحت‭ ‬الاكبر‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬تعداد‭ ‬السكان.

ويعيب‭ ‬السياسة‭ ‬الامريكية‭ ‬ايضا‭ ‬التناقض‭ ‬الشديد‭ ‬احيانا‭ ‬بين‭ ‬الاقوال‭ ‬والافعال‭ ‬ففى‭ ‬قضية‭ ‬الهجرة‭ ‬يجب‭ ‬ان‭ ‬تكون‭ ‬القرارات‭ ‬صارمة‭ ‬وليست‭ ‬متارجحة‭ ‬فعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬اغلاق‭ ‬باب‭ ‬الهجرة‭ ‬العشوائىة‭ ‬بات‭ ‬مطلبا‭ ‬ملحا‭ ‬حتى‭ ‬تنهض‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬مرة‭ ‬اخرى‭ ‬وياتى‭ ‬التناقض‭ ‬فى‭ ‬التشديد‭ ‬والتضييق‭ ‬على‭ ‬المهاجرين‭ ‬وفى‭ ‬نفس‭ ‬الوقت‭ ‬باب‭ ‬الهجرة‭ ‬مايزال‭ ‬مفتوحا‭ ‬حتى‭ ‬الان.

ثم‭ ‬ياتى‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬الاصلاح‭ ‬السياسى‭ ‬المتمثل‭ ‬فى‭ ‬عدة‭ ‬نقاط‭ ‬موجزة‭ ‬وهى.

اولا‭ – ‬كيفية‭ ‬احكام‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬السفارات‭ ‬الامريكية‭ ‬والقنصليات‭ ‬فى‭ ‬الخارج‭ ‬وموظفيها‭ ‬غير‭ ‬الامريكيون‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬تكون‭ ‬مصدر‭ ‬قلق‭ ‬للادارة‭ ‬الامريكية‭ ‬فى‭ ‬الداخل‭ ‬والخارج‭ ‬فالسفارات‭ ‬هى‭ ‬بمثابة‭ ‬خط‭ ‬الدفاع‭ ‬الاول‭ ‬عن‭ ‬الامن‭ ‬القومى‭ ‬الامريكى.

ثانيا‭ – ‬تفعيل‭ ‬دور‭ ‬المستشارين‭ ‬السياسيين‭ ‬سواء‭ ‬للرئيس‭ ‬او‭ ‬للكونجرس‭ ‬الذين‮ ‬‭ ‬لهم‭ ‬كفاءة‭ ‬وخبرة‭ ‬مشهود‭ ‬لها‭ ‬وليس‭ ‬على‭ ‬اساس‭ ‬الانتماءات‭ ‬الحزبية.

ثالثا‭ – ‬وضع‭ ‬خطة‭ ‬استراتيجية‭ ‬لاستطلاع‭ ‬راى‭ ‬حلفاء‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬العسكريين‭ ‬فى‭ ‬دول‭ ‬ومناطق‭ ‬التوترات‭ ‬والصراعات‭ ‬المسلحة‭ ‬ومكافحة‭ ‬الارهاب‭ ‬للحد‭ ‬من‭ ‬اتخاذ‭ ‬قرارات‭ ‬متهورة‭ ‬يترتب‭ ‬عليها‭ ‬الاضرار‭ ‬بالامن‭ ‬القومى‭ ‬الامريكى‭ ‬او‭ ‬المصالح‭ ‬الامريكية‭ ‬فى‭ ‬الخارج‭ ‬وهذه‭ ‬الخطة‭ ‬لا‭ ‬يستطيع‭ ‬اى‭ ‬رئيس‭ ‬امريكى‭ ‬ياتى‭ ‬للسلطة‭ ‬ان‭ ‬يغيرها‭ ‬او‭ ‬يتجنبها‭ ‬لان‭ ‬هذه‭ ‬دولة‭ ‬مؤسسات‭ ‬وليست‭ ‬دولة‭ ‬افراد.

رابعا‭ – ‬الانفاق‭ ‬اكثر‭ ‬على‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬المعلومات‭ ‬الاستخباراتية‭ ‬الصحيحة‭ ‬لان‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬المعلومة‭ ‬مهما‭ ‬كلف‭ ‬يكون‭ ‬جيدا‭ ‬قبل‭ ‬التورط‭ ‬فى‭ ‬صراعات‭ ‬مسلحة‭ ‬طويلة‭ ‬الاجل‭ ‬ومكلفة‭ ‬مثل‭ ‬افغانستان‭ ‬والعراق‭ ‬مما‭ ‬يعد‭ ‬اهدارا‭ ‬للقوة‭ ‬العسكرية‭ ‬واهدارا‭ ‬للمال‭ ‬العام‭ ‬فى‭ ‬النهاية.

خامسا‭ – ‬انهاء‭ ‬الصراعات‭ ‬السياسية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬العظمى‭ ‬بعضها‭ ‬البعض‭ ‬وتغيير‭ ‬هذه‭ ‬الصراعات‭ ‬الى‭ ‬تقسيم‭ ‬العالم‭ ‬الى‭ ‬مناطق‭ ‬تكون‭ ‬كل‭ ‬دولة‭ ‬عظمى‭ ‬مسئولة‭ ‬عن‭ ‬الامن‭ ‬الاقليمى‭ ‬فى‭ ‬منطقة‭ ‬معينة‭ ‬تحت‭ ‬مظلة‭ ‬الامم‭ ‬المتحة‭ ‬وانشاء‭ ‬اتفاقيات‭ ‬دولية‭ ‬جديدة‭ ‬فى‭ ‬هذا‭ ‬الشان‭ ‬وثال‭ ‬لذلك‭ ‬استطاعت‭ ‬الصين‭ ‬انهاء‭ ‬الصراع‭ ‬بين‭ ‬الكوريتين‭ ‬لما‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬نفوذ‭ ‬فى‭ ‬هذه‭ ‬المنطقة‭ ‬بعد‭ ‬عقود‭ ‬طويلة.

سادسا‭ – ‬وعلى‭ ‬الجانب‭ ‬الاقتصادى‭ ‬الذى‭ ‬هو‭ ‬فى‭ ‬حقيقة‭ ‬الامر‭ ‬مكمل‭ ‬للجانب‭ ‬السياسى‭ ‬لا‭ ‬يجب‭ ‬فصلهما‭ ‬بل‭ ‬تفعيل‭ ‬المصالح‭ ‬الاقتصادية‭ ‬المشتركة‭ ‬فان‭ ‬الجانب‭ ‬الاقتصادى‭ ‬يعطى‭ ‬مصداقية‭ ‬اكبر‭ ‬فى‭ ‬التعاون‭ ‬السياسى‭ ‬لحل‭ ‬المشاكل‭ ‬السياسية‭ ‬التى‭ ‬دامت‭ ‬لسنوات‭ ‬طويلة‭ ‬تهدد‭ ‬الامن‭ ‬والسلم‭ ‬العالمى‭ ‬بطريقة‭ ‬السير‭ ‬بالتوازى‭ ‬بين‭ ‬السياسة‭ ‬والاقتصاد‭ ‬دون‭ ‬تغليب‭ ‬احدهما‭ ‬على‭ ‬الاخر‭ ‬فالتوازن‭ ‬بين‭ ‬الجانب‭ ‬السياسى‭ ‬والاقتصادى‭ ‬يعتبر‭ ‬ورقة‭ ‬ضغط‭ ‬اهم‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬استخدام‭ ‬القوة‭ ‬العسكرية‭ ‬او‭ ‬العناد‭ ‬السياسى‭ ‬وتفعيل‭ ‬المصالح‭ ‬الاقتصادىة‭ ‬المشتركة‭ ‬يؤدى‭ ‬فى‭ ‬نهاية‭ ‬المطاف‭ ‬الى‭ ‬الاستقرار‭ ‬السياسى‭ ‬والامنى‭ ‬لخوف‭ ‬الشعوب‭ ‬على‭ ‬اهدار‭ ‬مابنته‭ ‬بالتعب‭ ‬والعرق‭ ‬لعقود‭ ‬طويلة.

فليس‭ ‬الصراع‭ ‬الاقتصادى‭ ‬بين‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬والصين‭ ‬من‭ ‬فرض‭ ‬رسوم‭ ‬وجمارك‭ ‬على‭ ‬الواردات‭ ‬من‭ ‬كلا‭ ‬الطرفين‭ ‬هو‭ ‬الحل‭ ‬الامثل‭ ‬لان‭ ‬هذا‭ ‬سوف‭ ‬ينعكس‭ ‬على‭ ‬حالة‭ ‬المواطن‭ ‬البسيط‭ ‬فى‭ ‬كلا‭ ‬البلدين‭ ‬وينعكس‭ ‬ايضا‭ ‬بصورة‭ ‬سلبية‭ ‬على‭ ‬الاقتصاد‭ ‬العالمى.

سابعا‭ – ‬ايقاف‭ ‬او‭ ‬تخفيض‭ ‬المعونات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬للدول‭ ‬الاخرى‭ ‬فكيف‭ ‬يتثنى‭ ‬لدولة‭ ‬مديونة‭ ‬ان‭ ‬تعطى‭ ‬معونات‭ ‬فيجب‭ ‬تحويل‭ ‬هذه‭ ‬المعونات‭ ‬اما‭ ‬لسداد‭ ‬الديون‭ ‬او‭ ‬لاصلاح‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬للبلاد.

وفى‭ ‬النهاية‭ ‬انهى‭ ‬حديثى‭ ‬اليكم‭ ‬بتساؤل‭ ‬بسيط‭ ‬اين‭ ‬وزارات‭ ‬السعادة‭ ‬فى‭ ‬الدول‭ ‬العظمى؟؟

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى