فادى يوسف

وعلى الأرض السلام

بقلم/ فادى يوسف

يعد‭ ‬السلام‭ ‬فى‭ ‬مقدمة‭ ‬القيم‭ ‬الإنسانية‭ ‬الرفيعة‭ ‬وهناك‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الأقوال‭ ‬تمجد‭ ‬جميعها‭ ‬في‭ ‬السلام‭ ‬وتجعل‭ ‬منه‭ ‬قيمة‭ ‬أساسية‭ ‬ومحورية‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬فبعد‭ ‬صراع‭ ‬دام‭ ‬لقرون‭ ‬فى‭ ‬الحياة‭ ‬وبعد‭ ‬حروب‭ ‬ومجازر‭ ‬وحمامات‭ ‬دم‭ ‬عرف‭ ‬الإنسان‭ ‬الحاجة‭ ‬للعيش‭ ‬بسلام‭ ‬حيث‭ ‬أنه‭ ‬يمكنه‭ ‬بالعقل‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬أضعاف‭ ‬ما‭ ‬يحصل‭ ‬عليه‭ ‬بالقوة‭ ‬والحرب‭ ‬كما‭ ‬قال‭ ‬المناضل‭ ‬الثورى‭ ‬مارتن‭ ‬لوثر‭ ‬كينج‭ ‬أنه‭ ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬نعيش‭ ‬معاً‭ ‬كإخوة‭ ‬أو‭ ‬نموت‭ ‬جميعنا‭ ‬كأغبياء‭ ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬قتل‭ ‬فى‭ ‬سبيل‭ ‬الحرية‭ ‬والسلام‭.‬‮ ‬

إن‭ ‬قضية‭ ‬السلام‭ ‬هي‭ ‬قضية‭ ‬إنسانية‭ ‬ودينية‭ ‬ووطنية‭ ‬من‭ ‬الدرجة‭ ‬الأولى‭ ‬فقد‭ ‬أكدت‭ ‬الشرائع‭ ‬السماوية‭ ‬على‭ ‬السلام‭ ‬واعتبرتها‭ ‬أساسا‭ ‬لخدمة‭ ‬الإنسان‭ ‬والعيش‭ ‬المشترك‭ ‬فذكر‭ ‬فى‭ ‬القران‭ ‬الكريم‭ ‬إيه‭ ‬يَا‭ ‬أَيُّهَا‭ ‬الَّذِينَ‭ ‬آمَنُواْ‭ ‬ادْخُلُواْ‭ ‬فِي‭ ‬السِّلْمِ‭ ‬كَآفَّةً‭ ‬وَلاَ‭ ‬تَتَّبِعُواْ‭ ‬خُطُوَاتِ‭ ‬الشَّيْطَانِ‭ ‬إِنَّهُ‭ ‬لَكُمْ‭ ‬عَدُوٌّ‭ ‬مُّبِينٌ‭ ‬وورد‭ ‬في‭ ‬الكتاب‭ ‬المقدس‭ ‬المجد‭ ‬لله‭ ‬في‭ ‬الأعالي‭ ‬وعلى‭ ‬الأرض‭ ‬السلام‭ ‬وبالناس‭ ‬المسرة‭.‬‮ ‬

ومن‭ ‬هنا‭ ‬فإن‭ ‬السلام‭ ‬هو‭ ‬القاعدة‭ ‬الأساسية‭ ‬والدعامة‭ ‬القوية‭ ‬التي‭ ‬تمكن‭ ‬الإنسان‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬يعيش‭ ‬في‭ ‬خير‭ ‬ورفاهية‭ ‬وطمأنينة‭ ‬ويساعد‭ ‬الإنسان‭ ‬والمجتمع‭ ‬البشرى‭ ‬للعيش‭ ‬في‭ ‬بيئة‭ ‬صالحة‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬خلق‭ ‬الازدهار‭ ‬الثقافى‭ ‬والحوار‭ ‬الدينى‭ ‬والفهم‭ ‬السياسى‭ ‬على‭ ‬نسق‭ ‬إنسانى‭ ‬يتسم‭ ‬بالرقي‭ ‬والتوازن‭ ‬وفى‭ ‬إطار‭ ‬مبنى‭ ‬على‭ ‬الاحترام‭ ‬المتبادل‭ ‬والحوار‭ ‬البناء‭ ‬المتكافئ‭.‬

السلام‭ ‬قيمة‭ ‬إنسانية‭ ‬عظيمة‭ ‬فأن‭ ‬تكون‭ ‬في‭ ‬سلام‭ ‬مع‭ ‬الآخرين‭ ‬فأنت‭ ‬في‭ ‬سلام‭ ‬مع‭ ‬نفسك أو‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬في‭ ‬صراع‭ ‬مع‭ ‬الآخرين‭ ‬فأنت‭ ‬في‭ ‬صراع‭ ‬مع‭ ‬نفسك‭ ‬السلام‭ ‬مطلب‭ ‬عالمى‭ ‬فهل‭ ‬تتصالح‭ ‬مع‭ ‬نفسك‭ ‬لكي‭ ‬تتصالح‭ ‬مع‭ ‬الآخرين‭ ‬هناك‭ ‬أشخاص‭ ‬مسالمون‭ ‬يمرون‭ ‬في‭ ‬حياتنا‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يتركوا‭ ‬أثراً‭ ‬وهناك‭ ‬أشخاص‭ ‬يمرون‭ ‬في‭ ‬حياتنا‭ ‬ويتركون‭ ‬سلاماً‭ ‬عابراً‭ ‬وهناك‭ ‬أشخاص‭ ‬يمرون‭ ‬في‭ ‬حياتنا‭ ‬ويتركون‭ ‬سلاماً‭ ‬وأثراً‭ ‬طيباً‭ ‬وجميلاً‭ ‬لدرجة‭ ‬ترشحهم‭ ‬لمنصب‭ ‬سفراء‭ ‬سلام‭ ‬هم‭ ‬أجمل‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الحياة‭ ‬بأرواحهم‭ ‬السمحة‭ ‬وتجاربهم‭ ‬الإنسانية‭ ‬الأكثر‭ ‬دفئاً‭ ‬وتواصلهم‭ ‬الحميم‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬إنسانى‭ ‬لذلك‭ ‬نجدهم‭ ‬أكثر‭ ‬تأثيراً‭ ‬في‭ ‬الآخرين‭ ‬لأن‭ ‬التجارب‭ ‬الإنسانية‭ ‬الراسخة‭ ‬هي‭ ‬التى‭ ‬تدوم‭ ‬أكثر‭ ‬ويكون‭ ‬تأثيرها‭ ‬في‭ ‬الآخرين‭ ‬أبلغ‭ ‬أثراً‭ ‬مما‭ ‬سواها‭ ‬وانظروا‭ ‬إلى‭ ‬مسيرة‭ ‬حياتكم‭ ‬لتعرفوا‭ ‬صدق‭ ‬هذا‭ ‬التأثير‭ ‬فكم‭ ‬من‭ ‬إنسان‭ ‬تقاطع‭ ‬طريقنا‭ ‬مع‭ ‬طريقه‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الحياة‭ ‬ولكن‭ ‬كم‭ ‬منهم‭ ‬ترك‭ ‬فينا‭ ‬سلامه‭ ‬أثراً‭ ‬طيباً‭ ‬وجميلاً‭ ‬كلنا‭ ‬نبحث‭ ‬عن‭ ‬السلام‭ ‬وهذه‭ ‬الأيام‭ ‬أقصى‭ ‬طموحات‭ ‬الناس‭ ‬أن‭ ‬يعودوا‭ ‬إلى‭ ‬بيوتهم‭ ‬سالمين‭ ‬فالناس‭ ‬أصبحوا‭ ‬على‭ ‬قناعة‭ ‬مطلقة‭ ‬بأن‭ ‬السلامة‭ ‬غنيمة‭ ‬هذه‭ ‬الأيام‭ ‬السلامة‭ ‬تعد‭ ‬أكبر‭ ‬جائزة‭ ‬يحلم‭ ‬أن‭ ‬يعود‭ ‬بها‭ ‬أي‭ ‬واحد‭ ‬منا‭ ‬فهذا‭ ‬الزمن‭ ‬ليس‭ ‬زمن‭ ‬المكاسب‭ ‬الكبيرة‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أصبحت‭ ‬الأحلام‭ ‬الصغيرة‭ ‬مكسب‭ ‬الكل‭ ‬يتمناه‭ ‬فأنت‭ ‬بمجرد‭ ‬أن‭ ‬تخرج‭ ‬من‭ ‬بيتك‭ ‬تكون‭ ‬قد‭ ‬دخلت‭ ‬في‭ ‬معركة‭ ‬كل‭ ‬يوم‭ ‬مع‭ ‬الحياة‭ ‬هذه‭ ‬المعركة‭ ‬صغيرة‭ ‬في‭ ‬معناها‭ ‬ولكنها‭ ‬كبيرة‭ ‬وكثيرة‭ ‬في‭ ‬تفاصيلها‭ ‬الصغيرة.

كل‭ ‬هذه‭ ‬المعارك‭ ‬تواجهها‭ ‬كل‭ ‬يوم‭ ‬وعليك‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬تقنع‭ ‬نفسك‭ ‬بأنها‭ ‬معارك‭ ‬صغيرة‭ ‬أو‭ ‬معارك‭ ‬ليست‭ ‬كبيرة‭ ‬ولكنها‭ ‬في‭ ‬واقع‭ ‬الحال‭ ‬معركة‭ ‬كبيرة‭ ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬فأنت‭ ‬تحاول‭ ‬أن‭ ‬تعيش‭ ‬بسلام‭ ‬مع‭ ‬نفسك‭ ‬ومع‭ ‬الآخرين‭ ‬ومع‭ ‬الحياة‭ ‬ولكن‭ ‬تجد‭ ‬نفسك‭ ‬تدخل‭ ‬كل‭ ‬يوم‭ ‬معركة‭ ‬لست‭ ‬طرفاً‭ ‬فيها‭ ‬أو‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬تريد‭ ‬الدخول‭ ‬فيها‭ ‬ولكنها‭ ‬تفرض‭ ‬عليك‭ ‬فى‭ ‬ظل‭ ‬أجواء‭ ‬مجتمعية‭ ‬وثقافة‭ ‬عامة‭ ‬لا‭ ‬تتماشى‭ ‬مع‭ ‬سلامك‭ ‬الداخلى‭.‬‮ ‬

ومن‭ ‬وجه‭ ‬نظرى‭ ‬يتحقق‭ ‬السلام‭ ‬فى‭ ‬ظل‭ ‬العدالة‭ ‬وبدونها‭ ‬فلا‭ ‬وجود‭ ‬للسلام‭ ‬فالعدالة‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬حفظ‭ ‬التوازن‭ ‬البشرى‭ ‬بتطبيق‭ ‬القوانين‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬يحقق‭ ‬المساواة‭ ‬وعدم‭ ‬التمييز‭ ‬وبذلك‭ ‬تكون‭ ‬العدالة‭ ‬جسرا‭ ‬يوصل‭ ‬إلى‭ ‬السلام‭ ‬فإن‭ ‬للعالم‭ ‬الآن‭ ‬له‭ ‬شكل‭ ‬متغير‭ ‬عما‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬فقد‭ ‬نالت‭ ‬الشعوب‭ ‬درجة‭ ‬أعلى‭ ‬من‭ ‬الحرية‭ ‬وتمكنت‭ ‬منظمات‭ ‬المجتمع‭ ‬المدنى‭ ‬درجة‭ ‬اعلى‭ ‬من‭ ‬التمكين‭ ‬و‭ ‬أصبحت‭ ‬العلاقات‭ ‬الدولية‭ ‬غير‭ ‬مقيدة‭ ‬بل‭ ‬وصارت‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬والسلام‭ ‬والتنمية‭ ‬وغيرها‭ ‬تتحرك‭ ‬فى‭ ‬أفاق‭ ‬أعلى.‮ ‬

والعالم‭ ‬الآن‭ ‬رغم‭ ‬ما‭ ‬تحقق‭ ‬فية‭ ‬من‭ ‬تطور‭ ‬ملحوظ‭ ‬فاصبح‮ ‬‭ ‬كقرية‭ ‬صغيرة‭ ‬بفضل‭ ‬ما‭ ‬تطور‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬وسائل‭ ‬الاتصالات‭ ‬وشبكة‭ ‬المعلومات‭ ‬عبر‭ ‬الإنترنت‭ ‬والفضائيات‭ ‬و‭ ‬أصبحت‭ ‬المعرفة‭ ‬فى‭ ‬متناول‭ ‬الجميع‭ ‬وانشر‭ ‬الوعى‭ ‬الثقافى‭ ‬بفضل‭ ‬هذه‭ ‬الخدمة‭ ‬العظيمة‭ ‬التى‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬يتابع‭ ‬الفرد‭ ‬ما‭ ‬يجرى‭ ‬من‭ ‬حولة‭ ‬ولا‭ ‬تجعلة‭ ‬بمعزل‭ ‬عن‭ ‬عالمه‭ ‬ورغم‭ ‬هذا‭ ‬التطور‭ ‬نجد‭ ‬العالم‭ ‬الآن‭ ‬يعيش‭ ‬فى‭ ‬خوف‭ ‬وقلق‭ ‬مستمر‭ ‬خشية‭ ‬الوقوع‭ ‬فى‭ ‬حرب‭ ‬مدمرة‭ ‬فهناك‭ ‬من‭ ‬يدعوا‭ ‬إلى‭ ‬الحرب‭.‬

وهناك‭ ‬من‭ ‬يعد‭ ‬العدة‭ ‬بالسلاح‭ ‬النووى‮ ‬‭ ‬وهناك‭ ‬من‭ ‬يداوم‭ ‬على‭ ‬الاعتداء،‭ ‬وهناك‭ ‬من‭ ‬ينتهك‭ ‬الدستور،‭ ‬وهناك‭ ‬من‭ ‬لايحترم‭ ‬قول‭ ‬العادلة،‭ ‬وهناك‭ ‬من‭ ‬يدعوا‭ ‬إلى‭ ‬السلام‭.‬

فبدلا‭ ‬من‭ ‬الرقى‭ ‬ينساق‭ ‬العالم‭ ‬إلى‭ ‬الشراسة‭ ‬وتبادل‭ ‬الاتهامات‭ ‬ونقض‭ ‬الأخر‭ ‬بل‭ ‬وتعدى‭ ‬إلى‭ ‬التعدى‭ ‬على‭ ‬الأديان‭ ‬وصارت‭ ‬تكتلات‭ ‬اقتصادية‭ ‬ليسود‭ ‬قانون‭ ‬البقاء‭ ‬للأقوى‭ ‬ولاكن‭ ‬السلام‭ ‬لايزال‭ ‬وسيظل‭ ‬أمام‭ ‬أعين‭ ‬جميع‭ ‬البشر‭ ‬فهو‭ ‬السبيل‭ ‬الوحيد‭ ‬إلى‭ ‬النجاة‭ ‬فلا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬إصلاح‭ ‬الذات‭ ‬و‭ ‬التمسك‭ ‬بالقيم‭ ‬واحترام‭ ‬العدالة‭ ‬والتوصل‭ ‬بالفكر‭ ‬إلى‭ ‬السلام‭.‬

السلام‭ ‬فكرة‭ ‬فى‭ ‬العقل‭ ‬والسلام‭ ‬عاطفة‭ ‬فى‭ ‬القلب‭ ‬والسلام‭ ‬نبضة‭ ‬فى‭ ‬الإحساس‭ ‬والسلام‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬حركة‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬لذلك‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬نربى‭ ‬أنفسنا‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬لنا‭ ‬عقلانية‭ ‬السلام‭ ‬وعاطفة‭ ‬السلام‭ ‬ومشاعر‭ ‬السلام‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬يتحول‭ ‬السلام‭ ‬إلى‭ ‬حركة‭ ‬فى‭ ‬الطريق‭ ‬ومن‭ ‬الطبيعي‭ ‬أن‭ ‬السلام‭ ‬في‭ ‬مفهومنا‭ ‬هو‭ ‬السلام‭ ‬الذي‭ ‬يترافق‭ ‬مع‭ ‬العدل‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬لأنه‭ ‬لا‭ ‬سلام‭ ‬مع‭ ‬الظلم‭.‬

ليجرب‭ ‬الناس‭ ‬السلام‭ ‬وليسعوا‭ ‬لأن‭ ‬يكونوا‭ ‬من‭ ‬أهله‭ ‬ولينظروا‭ ‬إلى‭ ‬كل‭ ‬النتائج‭ ‬الإيجابية‭ ‬التي‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬يحصلوها‭ ‬وفى‭ ‬الختام‭ ‬سلاما‭ ‬للجميع‭ ‬وعلى‭ ‬الأرض‭ ‬السلام‭.‬‮ ‬

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى