سامح فريد

دبلوماسية البوارج الحربية

بقلم/ سامح فريد سليم

ان‭ ‬التفاوض‭ ‬بواسطة‭ ‬القوة‭ ‬المسلحة‭ ‬اصبح‭ ‬الان‭ ‬السمة‭ ‬الغالبة‭ ‬فى‭ ‬السياسة‭ ‬الدولية‭ ‬فى‭ ‬الاونة‭ ‬الاخيرة‭ ‬لان‭ ‬هناك‭ ‬اماكن‭ ‬فى‭ ‬العالم‭ ‬مثل‭ ‬دول‭ ‬او‭ ‬اشباه‭ ‬دول‭ ‬لاتعرف‭ ‬شيئا‭ ‬غير‭ ‬ثقافة‭ ‬العنف‭ ‬ولا‭ ‬يجدى‭ ‬معها‭ ‬التفاوض‭ ‬بطرق‭ ‬سلمية‭ ‬طبيعية‭ ‬ولهذا‭ ‬اخذت‭ ‬الدول‭ ‬العظمى‭ ‬والدول‭ ‬المحورية‭ ‬فى‭ ‬مناطق‭ ‬هامة‭ ‬من‭ ‬العالم‭ ‬طريق‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬القائمة‭ ‬على‭ ‬التهديد‭ ‬باستخدام‭ ‬القوة‭ ‬المسلحة‭ ‬والمتمثلة‭ ‬فى‭ ‬حاملات‭ ‬الطائرات‭ ‬والسفن‭ ‬الحربية‭ ‬الفتاكة‭ ‬التى‭ ‬يمكن‭ ‬ان‭ ‬تصل‭ ‬الى‭ ‬اى‭ ‬مكان‭ ‬فى‭ ‬العالم‭ ‬وتطال‭ ‬صواريخها‭ ‬وقاذفاتها‭ ‬اى‭ ‬مكان‭ ‬مهما‭ ‬كان‭ ‬بعيدا.

فالعالم‭ ‬العربى‭ ‬واسيا‭ ‬الوسطى‭ ‬اى‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الاوسط‭ ‬لاتفهم‭ ‬الا‭ ‬هذه‭ ‬اللغة‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬الجديدة‭ ‬والتى‭ ‬بدات‭ ‬تظهر‭ ‬بعد‭ ‬حرب‭ ‬العراق‭ ‬وهو‭ ‬التفاوض‭ ‬تحت‭ ‬الضغط‭ ‬العسكرى‭ ‬والاستراتيجى‭ ‬والاقتصادى‭ ‬ايضا‭ ‬لان‭ ‬الحصار‭ ‬الاقتصادى‭ ‬يمكن‭ ‬التحايل‭ ‬عليه‭ ‬فى‭ ‬بعض‭ ‬الاحيان‭ ‬وايضا‭ ‬الحصار‭ ‬النووى‭ ‬هكذا‭ ‬فهذا‭ ‬العالم‭ ‬الذى‭ ‬اتحدث‭ ‬عنه‭ ‬هو‭ ‬عالم‭ ‬اخر‭ ‬تعيش‭ ‬بعض‭ ‬شعوبه‭ ‬فى‭ ‬ظل‭ ‬الدولة‭ ‬الفاشية‭ ‬الديكتاتورية‭ ‬او‭ ‬فى‭ ‬ظل‭ ‬ولاية‭ ‬الفقيه‭ ‬فليس‭ ‬هناك‭ ‬دولة‭ ‬بالمعنى‭ ‬الحقيقى‭ ‬للدولة‭ ‬التى‭ ‬يمكن‭ ‬التفاوض‭ ‬معها‭ ‬وعلى‭ ‬الجانب‭ ‬الاخر‭ ‬من‭ ‬العالم‭ ‬تعيش‭ ‬شعوبا‭ ‬اخرى‭ ‬وهى‭ ‬شعوب‭ ‬الغرب‭ ‬مختلفة‭ ‬الثقافة‭ ‬والنظام‭ ‬عن‭ ‬الشعوب‭ ‬السابقة‭ ‬فكيف‭ ‬يتم‭ ‬التفاوض‭ ‬هنا‭ ‬اذا‭ ‬وقع‭ ‬خلاف‭ ‬بين‭ ‬الاثنين؟

لا‭ ‬شك‭ ‬ان‭ ‬هذا‭ ‬السؤال‭ ‬الصعب‭ ‬يصعب‭ ‬الاجابة‭ ‬عليه‭ ‬بالطرق‭ ‬الطبيعية‭ ‬للتفاوض‭ ‬السلمى‭ ‬العادى‭ ‬المتحضر‭ ‬فالتفاوض‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬المتحضرة‭ ‬او‭ ‬حتى‭ ‬الدول‭ ‬العظمى‭ ‬ياتى‭ ‬بالجلوس‭ ‬على‭ ‬مائدة‭ ‬المفاوضات‭ ‬مثل‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬والاتحاد‭ ‬الاوربى‭ ‬وروسيا‭ ‬والصين‭ ‬وغيرها‭ ‬لان‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬تعبت‭ ‬كثيرا‭ ‬فى‭ ‬بناء‭ ‬اقتصادها‭ ‬فى‭ ‬اعقاب‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية‭ ‬والتسمح‭ ‬ابدا‭ ‬بحروب‭ ‬تهدد‭ ‬اقتصادها‭ ‬او‭ ‬شعوبها‭ ‬الا‭ ‬اذا‭ ‬فرضت‭ ‬عليها‭ ‬احيانا‭ ‬هذه‭ ‬الحروب‭ ‬فهى‭ ‬لاتسعى‭ ‬اليها‭ ‬والا‭ ‬انزلق‭ ‬العالم‭ ‬الى‭ ‬حرب‭ ‬عالمية‭ ‬ثالثة‭ ‬يمكن‭ ‬ان‭ ‬تنهى‭ ‬الحياة‭ ‬على‭ ‬الارض.

ولكن‭ ‬هناك‭ ‬مناطق‭ ‬لاتستطيع‭ ‬فيها‭ ‬التفاوض‭ ‬وانت‭ ‬تحت‭ ‬التهديد‭ ‬ولاتستطيع‭ ‬حماية‭ ‬دولتك‭ ‬وهذا‭ ‬ماتفعله‭ ‬مصر‭ ‬عندما‭ ‬تم‭ ‬شراء‭ ‬بوارج‭ ‬حربية‭ ‬وحاملات‭ ‬طائرات‭ ‬للجيش‭ ‬المصرى‭ ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬الامن‭ ‬فى‭ ‬المنطقة‭ ‬الملتهبة‭ ‬من‭ ‬العالم‭ ‬وايضا‭ ‬لاعطاء‭ ‬دعم‭ ‬وقوة‭ ‬فى‭ ‬التفاوض‭ ‬والردع‭ ‬السياسى‭ ‬المترتب‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬القوة‭ ‬العسكرية.

لقد‭ ‬اقتربت‭ ‬سياسة‭ ‬الرئيس‭ ‬المصرى‭ ‬عبد‭ ‬الفتاح‭ ‬السيسى‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬السياسة‭ ‬الغربية‮ ‬‭ ‬وهى‭ ‬ان‭ ‬البوارج‭ ‬الحربية‭ ‬تحمى‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬وتدعمها‭ ‬استراتيجيا‭ ‬فى‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الاوسط‭ ‬واسيا‭ ‬الوسطى‭ ‬الملتهبة‭ ‬لان‭ ‬مصر‭ ‬دولة‭ ‬محورية‭ ‬تقع‭ ‬فى‭ ‬وسط‭ ‬العالم‭ ‬وتتعرض‭ ‬لمخاطر‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬الجهات‭ ‬وفى‭ ‬كل‭ ‬الاوقات‭ ‬وتحقق‭ ‬فى‭ ‬النهاية‭ ‬الاهداف‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬المرجوة‭ ‬فليس‭ ‬عمل‭ ‬البوارج‭ ‬الحربية‭ ‬كالة‭ ‬حرب‭ ‬فقط‭ ‬وانما‭ ‬يمكن‭ ‬ان‭ ‬تكون‭ ‬الة‭ ‬لحفظ‭ ‬الامن‭ ‬والسلام‭ ‬والتفاوض‭ ‬السلمى‭.‬

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى