لا اعتقد ان احداً في العالم قد يختلف حول ان سويسرا من انظف بلاد العالم بل وقد تكون الانظف علي الاطلاق، واذا حالفك الحظ وزرت احد مدنها سيبهرك نظافة شوارعها وبقاء معالمها مهما كانت قديمة بنفس النظافة والابهار كما لو كانت لسه خارجة من كرتونتها بحسب التعبير المصري. ده كان محور حديثي مع صديقي المصري المقييم في سويسرا من سنين طويلة، وقد حكي لي السر وراء هذه النظافة المبهرة، وهو ان الادارات الحكومية هناك كانت تواجه مشاكل في انتشار القمامة في الشوارع وعدم اهتمام السكان بالمظهر العام لواجهات بيوتهم او النظافة خارجها، مما اضطرهم لسن قوانين لمعالجة هذه الظاهر وتغيير شكل البلد، وكان القائمون علي تطبيق هذا القانون جهاز شرطي متخصص، يبحثون في شوارعها عن اي قمامة ملقاه ويقومون برفعها وتحليل محتوايتها بكل دقة لمعرفة المجرم اللي القاءها في الطريق العام وليس المكان المخصص لها، وبعدها كانوا يرغمونه علي دفع الغرامات القانونية الكبيرة وعند التكرر يدفع غرامات مضاعفة، بل ان البلديات ترغم السكان بزراعة الورود في بكونات بيوتهم، وبالطبع الآن وصلت سويسرا لهذا الشكل المبهر واصبحت حديث العالم في النظافة والجمال، واصبح المواطن السويسري رمز للنظافة وبالطبع يحظي بأعلي مستويات المعيشة والدخل بالمقارنة بجميع دول العالم. تذكرت هذه القصة عندما نبهني الفيسبوك لخبر نشرته من فترة عن نية الحكومة في مصر تطبيق قانون المرور، وهي ليست المرة الاولي حيث تكرر هذا الخبر عشرات المرات علي مدار سنين وسنين وبالطبع لم يتم تطبيقه بالشكل المطلوب ولم يحقق اهداف واضعه او طموحات مواطنين المحروسة وبالطبع سكان العاصمة والمدن الكبري، واللي فيها استهانة متميزة بقواعد المرور الرئيسية والتي تسبب الكثير والكثير من حوادث الطرق والاختناقات المرورية وتضع البلد في مرتبة متقدمة في عدد قتلي الحوادث المرورية بالمقارنة بدول العالم. والمرور ليس هو فقط المشكلة، فالمرور مجرد مثال واضح لمكانة القانون عند المواطنين وبالطبع ليس فقط المواطنين بل هو مثال ايضاً عن مدي التزام الجهات القائمة علي تطبيق القانون بعملها، سواء الجهات الحكومية المختلفة او الجهاز الشرطي وهو الجهة المباشرة المنوط بيها افعال القانون. ويعرف القانون علي انه مجموعة من القواعد والأسس التي تنظم سلوك أفراد المجتمع، والتي يجب على أفراده اتباع القانون، وهنا اذكر معيار نسبي قد يكون هام في قياس اهمية القانون عند المجتمعات، فمثلاً في دولة مثل الولايات المتحدة تعتبر المحاماه من اكثر المهن ربحاً والمحامي من اكثر الطبقات احتراماً ودخلاً بل ان دراسة القانون تعتبر من الدراسات المرموقة والاكثر تكلفةً بين كل التخصصات العلمية في الجامعات الامريكية، بل ان المحامي يحتاج الكثير من الدراسات العليا والتدريب قبل ان يقبل في نقابة المحامين الامريكية او American Bar Association وطبعاً بالمقارنة مع كليات الحقوق في دولة مثل مصر او حتي دخل المحامي هناك، تدرك بشكل كبير الفرق في اهمية القانون بين المجتمعات وبعضها، وبالاحري بين الدول المتقدمة والتي يحظي فيها المواطن بجودة حياة اعلي بكثير من مواطني دول العالم الثالث والتي يعاني فيها المواطن وتنحدر جودة حياته سواء صحة او اقتصاد او تعليم. الخلاصة ان إعمال دولة القانون واحترام السلطات قبل المواطنين للقانون يعتبر احـد اعمــدة بنــاء الحضـــــارات والـــلــي بيضمن النهوض بجودة حياة المواطنين ويجلب الاحترام بين الدول بعضها.