تسابقت الصحف البوسنية في التحذير من خطورة تنامي اعداد اللاجئين السوريين، وقامت بالحشد شديد اللهجة ضدهم، بعد شهادة والد شاب تعرض للطعن مما ادي الي احتجازه فاقد الوعي بين الحياة والموت في احد المستشفيات العاصمة البوسنية سارييفو، وقال الاب الملكوم ان ثلاث لاجئين سوريين قامو بضرب ابنه الشاب وطعنوه طعنات قاتلة ولازو بالفرار. المتابع للوضع في جمهورية البوسنة والهرسك، بعد انتهاء الحرب الاهلية والتي راح بسببها الالاف من المدنين في واحدة من ابشع جرائم الحرب في القرن العشرين، انتهت الحرب وبقت مسبباتها وآثارها المجتمعية واهمها الانقسام والكراهية الطائفية، حتي ان الزائر العادي يلاحظ اثار القذائف والرصاص علي واجهات معظم البنيات السكنية والتجارية والتي تركت دون اصلاح او تجميل او ترميم لتذكير العامة للحفاظ علي كمية الكراهية والتي كانت المسبب الرئيس للحرب، هذا بخلاف انتشار القبور في معظم الاحياء، حتي ان من الطبيعي جداً ان تجلس علي مقهي خمس نجوم، وتجد واجهتك نحو عدة مدافن صغيرة تحيط بها كراسي المقهي. الوضع ببساطة حالة من الكراهية والطائفية تملئ القلوب وتظهر بتجلي في وسائل الاعلام، فكل طائفة تتسابق لحشد اتباعها ضد الطوائف الاخري. وتعبتر رسائل الكراهية هي العنصر الرئيسي في الاخبار، ولذلك حظيت قضية طعن الشاب البوسني علي اهتمام كبير، وحشد مخيف ضد اللاجئين السوريين، والتي تقطعت بهم الطرق سواء في بلدهم التي تمزقه الحرب الاهلية بين جماعات ارهابية ونظام ديكتاتوري اجرامي، وكان بإنتظارهم في بعض دول لجؤهم كراهية وبالتبعية عنف. واستكملاً لقصة الشاب، بعد ان استعاد وعيه، حكي قصة الطعن واقر بأن من قام بالطعن مجموعة من مشجعي فريق كروي منافس بعد مشاداه بينهم، وان لا صحة لوجود لاجئين سورين في القصة، وتبين بالطبع ان كلام والده بإتهام اللاجئين السوريين عار عن الصحة، وبالطبع وسائل الاعلام والتي نشرت وحشدت بالكراهية ضد اللاجئيين، نشرت علي خجل حقيقة الامر، وبالطبع بقي في اذهان الناس وضمائرهم القصة الكاذبة حيث لم تجد الحقيقة نفس الاهتمام او الظهور. ذكرتني القصة هذه بعشرات او مئات القصص التي تسابق الاعلام في الحشد لها واسهب واعطها مساحات الصحفة الاولي وساعات طوال من برامج التوك شو، رغم انها اكاذيب وخزعبلات نسجت للمنافسيين السياسيين او للمختلفين في الدين او اللون، وبنت اسوار من الكراهية داخل ضمير المجتمع ووعيه، وعند ظهور الحقيقة، اجحمت عن نشرها وتركت ارث الكراهية ينهش في قلب المجتمع، وانتجت مجتمعات مقسمة وضعيفة، بل مستعدة للعنف والقتل للمختلفين عنهم سواء سياساً او دينياً، وفي الغالب الاعم معظم وسائل الاعلام هذه موجهة لخدمة اطراف سياسية او جماعات تطرف، ويبقي المواطن العادي فريسة سهلة اما لشحنه بالكراهية والبغضة وبالتبعية العنف والعنصرية او فريسة لعنف وعنصرية مواطن آخر.