سامح فريد

كنوز التاريخ الغارقة

بقلم/ سامح فريد سليم

اذا‭ ‬مات‭ ‬البشر‭ ‬او‭ ‬هلكت‭ ‬دول‭ ‬او‭ ‬ممالك‭ ‬قديمة‭ ‬فيظل‭ ‬التاريخ‭ ‬باقيا‭ ‬لايموت‭ ‬مدونا‭ ‬فى‭ ‬الكتب‭ ‬والمخطوطات‭ ‬القديمة‭ ‬فى‭ ‬المتاحف‭ ‬ومتاحا‭ ‬عبر‭ ‬الانترنت‮ ‬‭ -‬‮ ‬‭ ‬‮ ‬فهناك‭ ‬قضية‭ ‬فتحت‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭ ‬وهى‭ ‬قضية‭ ‬شهيرة‭ ‬هى‭ ‬قضية‭ ‬السفينة‭ ‬سان‭ ‬خوسيه‭ ‬التى‭ ‬غرقت‭ ‬عام‭ ‬1708‭ ‬امام‭ ‬سواحل‭ ‬كولومبيا‭ ‬والتى‭ ‬كانت‭ ‬فى‭ ‬طريقها‭ ‬من‭ ‬بيرو‭ ‬المستعمرة‭ ‬الاسبانية‭ ‬القديمة‭ ‬متوجهة‭ ‬الى‭ ‬كوبا‭ ‬ثم‭ ‬الى‭ ‬المملكة‭ ‬الاسبانية‭ ‬الاستعمارية‭ ‬الكبيرة‭ ‬فى‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت‭ ‬والتى‭ ‬كانت‭ ‬تحتل‭ ‬معظم‭ ‬دول‭ ‬امريكا‭ ‬اللاتينية‭ ‬وكان‭ ‬على‭ ‬متن‭ ‬السفينة‭ ‬كميات‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬الذهب‭ ‬والفضة‭ ‬تقدر‭ ‬بحوالى‭ ‬20‭ ‬مايار‭ ‬دولار‭ ‬فى‭ ‬وقتنا‭ ‬الحالى‭ ‬وقد‭ ‬كانت‭ ‬متوجهة‭ ‬الى‭ ‬الملك‭ ‬فيليب‭ ‬ملك‭ ‬اسبانيا‭ ‬فى‭ ‬تلك‭ ‬الفترة‭ ‬وهاجمها‭ ‬البريطانيون‭ ‬واغرقوها‭ ‬امام‭ ‬سواحل‭ ‬كولومبيا‭ ‬فى‭ ‬البحر‭ ‬الكاريبى‭ ‬ولا‭ ‬يعرف‭ ‬احد‭ ‬منذ‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت‮ ‬‭ ‬المكان‭ ‬التى‭ ‬غرقت‭ ‬فيه‭ ‬على‭ ‬عمق‭ ‬كبير‭ ‬فى‭ ‬البحر‭ ‬الكاريبى‭ ‬حتى‭ ‬اكتشفت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬باقمارها‭ ‬الصناعية‭ ‬واجهزتها‭ ‬المتقدمة‭ ‬مكان‭ ‬الكنز‭ ‬الغارق‭ ‬مقابل‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬نصفه‭ ‬واستطاعت‭ ‬الاتفاق‭ ‬مع‭ ‬كولومبيا‭ ‬على‭ ‬اخراج‭ ‬الكنز‭ ‬مقابل‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬نصفه‭ ‬وذلك‭ ‬لغرق‭ ‬السفينة‭ ‬فى‭ ‬المياه‭ ‬الاقليمية‭ ‬لكولومبيا‭ ‬والقانون‭ ‬الدولى‭ ‬البحرى‭ ‬يعطى‭ ‬السيادة‭ ‬للدولة‭ ‬على‭ ‬اراضيها‭ ‬وعلى‭ ‬مياهها‭ ‬الاقليمية‭ ‬ايضا.

واثارة‭ ‬هذه‭ ‬القضية‭ ‬فى‭ ‬الوقت‭ ‬الحالى‭ ‬واكتشاف‭ ‬دولتنا‭ ‬العظيمة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬لهذا‭ ‬الكنز‭ ‬الغارق‭ ‬فى‭ ‬دولة‭ ‬اخرى‭ ‬يثير‭ ‬الجدل‭ ‬والتساؤل‮ ‬‭ – ‬هل‭ ‬تستطيع‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬بامكاناتها‭ ‬العلمية‭ ‬والتكنولوجية‭ ‬وعلاقاتها‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬الجيدة‭ ‬مع‭ ‬اغلب‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬ان‭ ‬تكتشف‭ ‬الكنوز‭ ‬الغارقة‭ ‬والاثار‭ ‬فى‭ ‬قاع‭ ‬البحار‭ ‬والمحيطات‭ ‬حول‭ ‬العالم‭ ‬فهناك‭ ‬كنوز‭ ‬غارقة‭ ‬واثار‭ ‬ثمينة‭ ‬لاتقدر‭ ‬بثمن‭ ‬لمواقع‭ ‬حربية‭ ‬شهيرة‭ ‬مثل‭ ‬موقعة‭ ‬ابى‭ ‬قير‭ ‬البحرية‭ ‬والتى‭ ‬غرق‭ ‬فيها‭ ‬الاسطول‭ ‬الفرنسى‭ ‬امام‭ ‬سواحل‭ ‬الاسكندرية‭ ‬فى‭ ‬مصر‭ ‬وهناك‭ ‬اثار‭ ‬اخرى‭ ‬غارقة‭ ‬منذ‭ ‬عصر‭ ‬الاسكندر‭ ‬الاكبر‭ ‬فى‭ ‬البحر‭ ‬المتوسط‭ ‬اما‭ ‬على‭ ‬الجانب‭ ‬الاخر‭ ‬فى‭ ‬البحر‭ ‬الاحمر‭ ‬فهناك‭ ‬فرعون‭ ‬وجيشه‭ ‬الذى‭ ‬غرق‭ ‬فى‭ ‬تلك‭ ‬المنطقة‭ ‬ويذكر‭ ‬لنا‭ ‬الكتاب‭ ‬المقدس‭ ‬بعهديه‭ ‬القديم‭ ‬والجديد‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الوقائع‭ ‬والاحداث‭ ‬والمعارك‭ ‬الحربية‭ ‬البحرية‭ ‬لسفن‭ ‬غرقت‭ ‬او‭ ‬ممالك‭ ‬قديمة‭ ‬هلكت‭ ‬بفعل‭ ‬الطوفان‭ ‬او‭ ‬معجزات‭ ‬حدثت‭ ‬فالتتبع‭ ‬التاريخى‭ ‬للاحداث‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الكتاب‭ ‬المقدس‭ ‬وكتب‭ ‬التاريخ‭ ‬القديمة‭ ‬والمخطوطات‭ ‬الاثرية‭ ‬سيوصل‭ ‬حتما‭ ‬الى‭ ‬نتائج‭ ‬مبهرة‭ ‬ولكن‭ ‬بدون‭ ‬ملكية‭ ‬الاليات‭ ‬المتقدمة‭ ‬فى‭ ‬البحث‭ ‬والتنقيب‭ ‬ودفع‭ ‬تكلفة‭ ‬ذلك‭ ‬البحث‭ ‬فلا‭ ‬تستطيع‭ ‬ان‭ ‬تحدد‭ ‬المكان‭ ‬فى‭ ‬عمق‭ ‬المحيط‭ ‬او‭ ‬البحر‭ ‬الا‭ ‬بالاجهزة‭ ‬والمخترعات‭ ‬الحديثة‭ ‬مثل‭ ‬الغواصات‭ ‬التى‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬اعماق‭ ‬كبيرة‭ ‬موجهة‭ ‬ذاتيا‭ ‬دون‭ ‬استخدام‭ ‬اى‭ ‬عناصر‭ ‬بشرية‭ ‬داخلها‭ ‬للتصوير‭ ‬فى‭ ‬الاعماق‭ ‬والحصول‭ ‬على‭ ‬معلومات‭ ‬دقيقة‭ ‬عن‭ ‬قيمة‭ ‬ومدى‭ ‬حجم‭ ‬الكنوز‭ ‬الغارقة.

وياتى‭ ‬فى‭ ‬النهاية‭ ‬دور‭ ‬الامم‭ ‬المتحدة‭ ‬المتمثل‭ ‬فى‭ ‬منظمة‭ ‬اليونسكو‭ ‬المعنية‭ ‬بالعلوم‭ ‬والثقافة‭ ‬والتاريخ‭ ‬مما‭ ‬تقدمه‭ ‬من‭ ‬دعم‭ ‬مادى‭ ‬وثقافى‭ ‬وتاريخى‭ ‬ومعلوماتى‭ ‬للدول‭ ‬التى‭ ‬وقعت‭ ‬تلك‭ ‬الاحداث‭ ‬فى‭ ‬مياهها‭ ‬الاقليمية‭ ‬للمساعدة‭ ‬فى‭ ‬البحث‭ ‬والتنقيب‭ ‬لدول‭ ‬كثيرة‭ ‬ليست‭ ‬لديها‭ ‬الامكانات‭ ‬المادية‭ ‬والعلمية‭ ‬للبحث‭ ‬عن‭ ‬التاريخ‭ ‬الغارق‭ ‬فى‭ ‬الاعماق‭.‬

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى