عادل عطيةمقالات عادل

أفكار – عند منتصف الليل

بقلم/ عادل عطية

  ‬كان‭ ‬منتصف‭ ‬الليل،‭ ‬وقد‭ ‬انطفأ‭ ‬النور،‭ ‬إيذاناً‭ ‬ببدء‭ ‬عام‭ ‬جديد‭!‬

  ‬في‭ ‬هذه‭ ‬اللحظات،‭ ‬الحاسمة‭: ‬لحظات‭ ‬المخاض،‭ ‬لحظات‭ ‬الموت‭ ‬والحياة،‭ ‬اللحظات‭ ‬الرهيبة‭.. ‬أخذت‭ ‬أتأمل‭ ‬رأس‭ ‬السنة،‭ ‬وهي‭ ‬مشغولة‭ ‬بمتابعة‭ ‬ألوان‭ ‬من‭ ‬البشر

كل‭ ‬اختار‭ ‬له‭ ‬رکناً‭ ‬خاصاً،‭ ‬يوافق‭ ‬وأسلوبه‭ ‬في‭ ‬الاحتفال‭!‬

  ‬هنا‭ ‬من‭ ‬يجلس‭ ‬إلى‭ ‬نفسه‭ ‬في‭ ‬خلوة‭ ‬واعتكاف،‭ ‬يتأمل‭ ‬حياته،‭ ‬أين‭ ‬هو‭ ‬سائر‭!‬

  ‬وهناك‭ ‬من‭ ‬يقضي‭ ‬وقته‭ ‬في‭ ‬مراتع‭ ‬اللهو،‭ ‬حيث‭ ‬الرقص‭ ‬والكؤوس‭ ‬و‭…! ‬

  ‬البعض‭ ‬آثر‭ ‬أن‭ ‬يصلي‭ ‬متعبداً‭!‬

  ‬والبعض‭ ‬يفترضه‭ ‬يوماً‭ ‬مثالياً لعمل‭ ‬الخير‭ ‬للآخرين‭!‬

  ‬والبعض‭ ‬يمزج‭ ‬بين‭ ‬هذا‭ ‬وذاك‭!‬

  ‬اقتربت‭ ‬إلى‭ ‬رأس‭ ‬السنة،‭ ‬تجرأت‭ ‬أن‭ ‬اتحدث‭ ‬إليها،‭ ‬رغم‭ ‬آلامها،‭ ‬رغم‭ ‬متاعبها،‭ ‬رغم‭ ‬مشغولياتها‭. ‬لكنها‭ ‬كانت‭ ‬تعطى‭ ‬فرصة‭ ‬لكل‭ ‬إنسان‭ ‬أن‭ ‬يتحدث‭ ‬إليها،‭ ‬وتتحدث‭ ‬إليه‭. ‬

  ‬سألتها‭: ‬لماذا‭ ‬انطفأت‭ ‬الأنوار‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬النحو؟‭!‬

  ‬فقالت،‭ ‬وهي‭ ‬تدارى‭ ‬آلامها‭: ‬لعلها‭ ‬عادة‭ ‬متوارثة،‭ ‬ولا‭ ‬تعني‭ ‬سوى‭ ‬فاصل‭ ‬زمنی‭ ‬بين‭ ‬عامين‭!‬

  ‬أو‭ ‬هي‭: ‬وقفة‭ ‬سنوية‭ ‬يستريح‭ ‬فيها‭ ‬الإنسان‭ ‬من‭ ‬أضواء ‬واغراءات‭ ‬الحياة‭!‬

  ‬ولما‭ ‬لا؛‭ ‬فحين‭ ‬تريد‭ ‬أن‭ ‬تبحث‭ ‬عن‭ ‬فكرة‭ ‬تائهة،‭ ‬فإنك‭ ‬تغمض‭ ‬عينيك لعلك‭ ‬وأنت‭ ‬تفعل‭ ‬هذا،‭ ‬تتسع‭ ‬بصيرتك‭ ‬أكثر،‭ ‬لتقودك‭ ‬إلى‭ ‬المغارة‭ ‬التي‭ ‬تقبع‭ ‬فيها‭ ‬الفكرة‭ ‬الضائعة‭!‬

  ‬فإن‭ ‬كنت‭ ‬تطفيء‭ ‬مداخلك‭ ‬لكي‭ ‬تبحث‭ ‬عن‭ ‬الفكرة‭ ‬المنزوية

‭ ‬فعليك‭ ‬أن‭ ‬تنفصل‭ ‬عن‭ ‬النور

وتنفصل‭ ‬كذلك‭ ‬عن‭ ‬الناس،‭ ‬لتعيش‭ ‬مع‭ ‬نفسك،‭ ‬مع‭ ‬روحك‭ ‬الحبيسة‭ ‬في‭ ‬أعماقك‭. ‬فأنت‭ ‬لن‭ ‬تشعر‭ ‬بها‭ ‬ولن‭ ‬تراها،‭ ‬إلا‭ ‬إذا‭ ‬عشت‭ ‬معها‭ ‬في‭ ‬عالمها‭ ‬الداخلى،‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬تخترقه‭ ‬أنوار‭ ‬العالم‭. ‬إنك‭ ‬تطفيء‭ ‬أنوار‭ ‬الزيف

لتستمتع‭ ‬بصحبة‭ ‬الروح،‭ ‬وسوف‭ ‬تجدها‭ ‬بأشعة‭ ‬صدقك‭ ‬فتكشف‭ ‬بها‭ ‬عيوبك،‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يراها‭ ‬غيرك‭!‬

  ‬أعرف‭ ‬أن‭ ‬البعض‭ ‬يطفىء‭ ‬الأنوار

لينسوا‭ ‬أنفسهم‭! ‬

  ‬ولكني‭ ‬أشير‭ ‬عليك‭ ‬أن‭ ‬تفتقد‭ ‬الوقت،‭ ‬لأن‭ ‬الأيام‭ ‬شريرة‭!‬

  ‬ليتك‭ ‬تتذكر‭ ‬أن‭ ‬طريق‭ ‬العمر‭ ‬يسرع‭ ‬إلى‭ ‬النهاية،‭ ‬فتنبه‭ ‬لئلا‭ ‬يضيعك‭ ‬النسيان‭ ‬وروح‭ ‬الغفلة

حتى‭ ‬لا‭ ‬يمضى‭ ‬الزمن‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تحقق‭ ‬شيئا‭ ‬لنفسك‭. ‬قال‭ ‬الحكيم‭: ‬مالك‭ ‬روحه‭ ‬خير‭ ‬ممن‭ ‬يأخذ‭ ‬مدينة‭! ‬

  ‬فلتحسب‭ ‬النفقة،‭ ‬لتقيم‭ ‬نفسك‭ ‬من‭ ‬جديد‭…‬

  ‬هل‭ ‬لديك‭ ‬القدرة‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬الجديد‭ ‬تحت‭ ‬الشمس؟‭!..‬

  ‬لابأس،‭ ‬أن‭ ‬يتساقط‭ ‬منك‭ ‬العمر‭ ‬في‭ ‬مواسم‭ ‬الزمن،‭ ‬فهذه‭ ‬سنة‭ ‬الحياة

وسنة‭ ‬الفصول‭!‬

  ‬فجأة،‭ ‬دوت‭ ‬صرخة‭ ‬الميلاد‭… ‬

  ‬وبينما‭ ‬ينبثق‭ ‬الوليد،‭ ‬كانت‭ ‬عيون‭ ‬العام‭ ‬الماضي‭ ‬تنغلق‭ ‬على‭ ‬حلم‭ ‬الماضي‭!‬

  ‬اختلجت‭ ‬مشاعري،‭ ‬وأنا‭ ‬أودع‭ ‬عاماً،‭ ‬وأستقبل‭ ‬عاماً‭ ‬جديداً‭!… ‬

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى