فادى يوسف

قررت أتزوج قهـوتـى 

بقلم/ فادى يوسف

قررت‭ ‬انا‭ ‬المواطن‭ ‬المذكور‭ ‬أدناه‭ ‬وأنا‭ ‬بكامل‭ ‬قواى‭ ‬العقلية‭ ‬والنفسية‭ ‬والمعنوية‭ ‬انى‭ ‬أعلن‭ ‬تزوجى‭ ‬من‭ ‬قهوتى‭ ‬صاحبة‭ ‬المذاق‭ ‬الخاص‭ ‬والوجه‭ ‬الداكن‭ ‬والرائحة‭ ‬المميزة‭ ‬والنسب‭ ‬الشريف‭ ‬الذى‭ ‬يمتد‭ ‬إلى‭ ‬أعرق‭ ‬أشجار‭ ‬البن‭ ‬الإثيوبية‭.‬

فلم‭ ‬ولن‭ ‬أجد‭ ‬مثيل‭ ‬لها‭ ‬طيله‭ ‬حياتى‭ ‬فهى‭ ‬الوحيدة‭ ‬التى‭ ‬تعطينى‭ ‬كامل‭ ‬السعادة‭ ‬ففى‭ ‬محضرها‭ ‬ومن‭ ‬أول‭ ‬تذوق‭ ‬تتجلى‭ ‬الذات‭ ‬وترتفع‭ ‬الهامات‭ ‬لاعنان‭ ‬السماء‭ ‬وتطلق‭ ‬الافكار‭ ‬لتحلق‭ ‬فى‭ ‬فضاء‭ ‬فسيح‭ ‬فتبدع‭ ‬وترجع‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬إلى‭ ‬الذهن‭ ‬للتذكير‭ ‬بأخذ‭ ‬جرعة‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬فنجان‭ ‬القهوة‭.‬

تلك‭ ‬القهوة‭ ‬هى‭ ‬الوحيدة‭ ‬ذو‭ ‬الثقة‭ ‬عندما‭ ‬يخذلك‭ ‬أقرب‭ ‬المقربين.

هى‭ ‬الوحيدة‭ ‬ذو‭ ‬الوجه‭ ‬الذى‭ ‬لا‭ ‬يتغير‭ ‬عندما‭ ‬ترى‭ ‬وجوه‭ ‬تتشكل‭ ‬فى‭ ‬اليوم‭ ‬عشرات‭ ‬المرات.‮ ‬

هى‭ ‬الوحيدة‭ ‬ذو‭ ‬الرائحة‭ ‬المبهرة‭ ‬عندما‭ ‬تصطدم‭ ‬برائحة‭ ‬قبور‭ ‬النفوس‮. ‬

هى‭ ‬الوحيدة‭ ‬ذو‭ ‬التذوق‭ ‬الممتع‭ ‬عندما‭ ‬تتاذى‭ ‬من‭ ‬السنه‭ ‬البشر‮. ‬

هى‭ ‬الوحيدة‭ ‬ذو‭ ‬الصداقة‭ ‬الدائمة‭ ‬عندما‭ ‬يخونك‭ ‬أصدقاء‭ ‬الحياة.‮ ‬

هى‭ ‬الوحيدة‭ ‬ذو‭ ‬الحضور‭ ‬القوى‭ ‬عندما‭ ‬تجد‭ ‬نفسك‭ ‬وحيد‭ ‬فى‭ ‬غربتك.‮ ‬

هى‭ ‬الوحيدة‭ ‬ذو‭ ‬المكانة‭ ‬الخاصة‭ ‬عندما‭ ‬لم‭ ‬يستطيع‭ ‬أحد‭ ‬أن‭ ‬يصل‭ ‬لمثلها‭.‬

نعم‭ ‬هى‭ ‬تستحق‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬وأكثر‭ ‬عندما‭ ‬تعرفنا‭ ‬منذ‭ ‬زمن‭ ‬بعيد‭ ‬امتد‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬‮١٥‬‭ ‬عاماً‭ ‬حينما‭ ‬كنت‭ ‬أدرس‭ ‬وظلت‭ ‬بجانبى‭ ‬وقت‭ ‬الدراسة‭ ‬وخاصتا‭ ‬فى‭ ‬الامتحانات‭ ‬وحينما‭ ‬ينام‭ ‬شركاء‭ ‬المنزل‭ ‬تبقى‭ ‬معى‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تنام‭ ‬أو‭ ‬تجعلنى‭ ‬أنام‭ ‬حتى‭ ‬نجحت‭ ‬وتخرجت‭ ‬وهنا‭ ‬بدأت‭ ‬معى‭ ‬مشوار‭ ‬أخر‭ ‬داخل‭ ‬أروقة‭ ‬العمل‭ ‬فترافقنى‭ ‬من‭ ‬مكتب‭ ‬لآخر‭ ‬وكأنها‭ ‬أعلنت‭ ‬أتحادها‭ ‬الأبدي‭ ‬معى‭ ‬وأقسمت‭ ‬أن‭ ‬لا‭ ‬تتركنى‭ ‬أينما‭ ‬ذهبت.‮ ‬

وعندما‭ ‬سافرت‭ ‬وجدت‭ ‬لها‭ ‬أشكل‭ ‬ومذاق‭ ‬آخر‭ ‬ذو‭ ‬طابع‭ ‬أمريكانى‭ ‬ولكنى‭ ‬تعهدت‭ ‬بأن‭ ‬تظل‭ ‬كما‭ ‬هى‭ ‬دون‭ ‬تغير‭ ‬بثوبها‭ ‬المصرى‭ ‬المصاحب‭ ‬للكنكة‭ ‬والفنجان‭ ‬والقليل‭ ‬من‭ ‬البندق‭ ‬المطحون‭ ‬وربما‭ ‬الاستغناء‭ ‬عن‭ ‬السكر‭ ‬مؤخرا‭ ‬كأن‭ ‬أمر‭ ‬حاسم‭ ‬وأظهر‭ ‬منها‭ ‬جمال‭ ‬أخر‭ ‬وتألق‭ ‬جديد‭.‬

والان‭ ‬بعد‭ ‬هذا‭ ‬السرد‭ ‬الممل‭ ‬لتاريخنا‭ ‬الممزوج‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬رائع‭ ‬وبعدما‭ ‬اعطيتها‭ ‬الثقة‭ ‬الكاملة‭ ‬فى‭ ‬تحسين‭ ‬مزاجى‭ ‬ولم‭ ‬تخذلنى‭ ‬ابدا‭ ‬فى‭ ‬ذلك‭ ‬وبعدما‭ ‬حاولت‭ ‬مقارنتها‭ ‬ببعض‭ ‬البشر‭ ‬فاكتسحت‭ ‬الجميع‭ ‬بكل‭ ‬قوة‭ ‬فحان‭ ‬الوقت‭ ‬لاعلن‭ ‬تزوجى‭ ‬بقهوتى‭ ‬المفضلة.‭ ‬

أعلن‭ ‬زواجنا‭ ‬المباركة‭ ‬بنية‭ ‬صالحة‭ ‬ونفس‭ ‬طاهرة‭ ‬وقلب‭ ‬سليم‭ ‬واجتهد‭ ‬أن‭ ‬أتذوقها‭ ‬يوميا‭ ‬وأضعها‭ ‬فى‭ ‬أعلى‭ ‬أرفف‭ ‬المطبخ‭ ‬لتكون‭ ‬فوق‭ ‬الجميع‭ ‬وأن‭ ‬أترفق‭ ‬عليها‭ ‬حينما‭ ‬أتناولها‭ ‬وأسرع‭ ‬إلى‭ ‬اطفائها‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تفور‭ ‬وأقوم‭ ‬بوضعها‭ ‬فى‭ ‬الفنجان‭ ‬بكل‭ ‬محبة‭ ‬وأحترام‭ ‬فقد‭ ‬أصبحت‭ ‬مسؤل‭ ‬عنها‭ ‬من‭ ‬بعد‭ ‬إنتاجها‭.‬

وأما‭ ‬أنتى‭ ‬أيتها‭ ‬القهوة‭ ‬الذيذة‭ ‬فكونى‭ ‬ذو‭ ‬وجه‭ ‬مظبوط‭ ‬وطعم‭ ‬متميز‭ ‬ورائحة‭ ‬خاصة‭ ‬لا‭ ‬مثيل‭ ‬لها‭ ‬كما‭ ‬عليكى‭ ‬أيتها‭ ‬القهوة‭ ‬المباركة‭ ‬أن‭ ‬تحسنى‭ ‬مزاجى‭ ‬وتجعلينى‭ ‬سعيدا‭ ‬معكى‭ ‬ولا‭ ‬تضيعى‭ ‬حق‭ ‬من‭ ‬حقوقة‭ ‬عليكى‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬أنظر‭ ‬إلى‭ ‬النسكافيه‭.‬‮ ‬

والآن‭ ‬بعدما‭ ‬جمع‭ ‬الله‭ ‬بيننا‭ ‬وتعاهدنا‭ ‬أمامه‭ ‬بأن‭ ‬لا‭ ‬يفصل‭ ‬بنا‭ ‬شئ‭ ‬سوى‭ ‬الموت‭ ‬وبهذه‭ ‬المناسبة‭ ‬ادعوا‭ ‬جميع‭ ‬الاحبة‭ ‬والاصدقاء‭ ‬والأعداء.

‭‬أن‭ ‬وجدوا‭ ‬أن‭ ‬يباركوا‭ ‬هذه‭ ‬الزيجة‭ ‬المقدسة‭ ‬والخالية‭ ‬من‭ ‬أى‭ ‬دنس‭ ‬أو‭ ‬خطيئة‭ ‬وأن‭ ‬يشرفونا‭ ‬بالحضور‭ ‬فى‭ ‬منزلى‭ ‬المتواضع‭ ‬لكى‭ ‬يتعرفوا‭ ‬على‭ ‬عروستى‭ ‬ويتاكدوا‭ ‬من‭ ‬حسن‭ ‬أختيارى‭ ‬وصحة‭ ‬قرارى‭ ‬ادام‭ ‬الله‭ ‬حياتكم‭ ‬كمثل‭ ‬قهوتكم‭.‬

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى