د. ذمسكينوس الأزرعى

الإجهاض من وجهة نظر مسيحيَّة

بقلم/ د. ذمسكينوس الأزرعى - أرشمندريت البطريركية المسكونية

‭”‬مَلْعُونٌ‭ ‬مَنْ‭ ‬يَقْتُلُ‭ ‬قَرِيبَهُ‭ ‬فِي‭ ‬الْخَفَاءِ‭. ‬وَيَقُولُ‭ ‬جَمِيعُ‭ ‬الشَّعْبِ‭: ‬آمِينَ‭ ‬‭”‬تثنية ‭ ‬24‭:‬27 ‬

خيار‭ ‬أم‭ ‬قتل‭!! ‬وهل‭ ‬الاجهاض‭ ‬هو‭ ‬الحل؟

ما‭ ‬هو‭ ‬رأي‭ ‬مؤيدي‭ ‬الاجهاض؟

وما‭ ‬هو‭ ‬رأي‭ ‬المسيحيَّة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الأمر؟

هذا‭ ‬هو‭ ‬السؤال‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬يقدر‭ ‬العالم‭ ‬أن‭ ‬يوافق‭ ‬عليه البعض‭ ‬يقول‭ ‬إنه‭ ‬خيار،‭ ‬والبعض‭ ‬الآخر‭ ‬يقول‭ ‬إنه‭ ‬جريمة‭ ‬قتل‭ ‬وقبل‭ ‬أن‭ ‬أتكلم‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬الموضوع‭ ‬فلا‭ ‬بد‭ ‬لي‭ ‬أن‭ ‬أشرح‭ ‬ما‭ ‬المقصود‭ ‬بالإجهاض‭.‬

‭ ‬الإجهاض‭:‬ هو‭ ‬التخلص‭ ‬من‭ ‬الجنين‭ ‬في‭ ‬مراحله‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬داخل‭ ‬رحم‭ ‬الأم‭ ‬وبالطبع‭ ‬نتحدَّث‭ ‬هنا‭ ‬عن‭ ‬التخلُّص‭ ‬الإرادي‭ ‬من‭ ‬الجنين،‭ ‬وليس‭ ‬اللاإرادي‭ ‬الذي‭ ‬يحدث‭ ‬نتيجة‭ ‬لخطأ‭ ‬ما‭ ‬أو‭ ‬مضاعفات‭ ‬في‭ ‬جسم‭ ‬الأم‭ ‬أو‭ ‬الجنين‭ ‬‭”‬لا‭ ‬سمح‭ ‬الله‭”‬‭.‬

الإجهاض‭ ‬يحول‭ ‬الأم‭ ‬إلى‭ ‬قاتلة‭ ‬إن‭ ‬فعلت‭ ‬ذلك‭ ‬عمداً‭ ‬،‭ ‬فلو‭ ‬أُعطِيَ‭ ‬هذا‭ ‬الجنين‭ ‬الفرصة،‭ ‬كان‭ ‬سيخرج،‭ ‬وتكون‭ ‬له‭ ‬حياة،‭ ‬وما‭ ‬أدرانا‭ ‬أي‭ ‬مستقبل‭ ‬كان‭ ‬سينتظره‭! ‬ويجب‭ ‬أن‭ ‬نأخذ‭ ‬بعين‭ ‬الإعتبار‭ ‬إن‭ ‬وافق‭ ‬الزوج‭ ‬على‭ ‬إجراء‭ ‬عملية‭ ‬الإجهاض،‭ ‬فهو‭ ‬يعتبر‭ ‬مشترك‭ ‬في‭ ‬الجريمة‭! ‬وأية‭ ‬امرأة‭ ‬يطلب‭ ‬منها‭ ‬زوجها‭ ‬أن‭ ‬تجهض‭ ‬جنينها،‭ ‬يجب‭ ‬ألا‭ ‬تطيعه‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬إطلاقاً‭.‬

هناك‭ ‬وصية‭ ‬في‭ ‬الكتـاب‭ ‬المقــدس‭ ‬تقـول‭ ‬‭”‬لاَ‭ ‬تَقْتُــلْ

وَمَـنْ‭ ‬قَتَــلَ‭ ‬يَكُـونُ‭ ‬مُسْـتَـوْجِـبَ‭ ‬الْحُــكـْمِ‭” ‬متى21‭: ‬5‭ ‬،‭ ‬ خروج13‭: ‬20‭ ‬،‭ ‬ تثنية17‭: ‬5‭ ‬

• الكتاب‭ ‬المقدس‭ ‬والطفل‭ ‬قبل‭ ‬الميلاد‭:‬

الله‭ ‬يعرفنا‭ ‬حتى‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬نولد،‭ ‬وقد‭ ‬أوضح‭ ‬الكتاب‭ ‬المقدس‭ ‬هذه‭ ‬الحقيقة‭ ‬بأكثر‭ ‬من‭ ‬صورة،‭ ‬وفي‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬موقف‭  ‬نذكر‭ ‬منها‭:‬

• نرى‭ ‬في‭ ‬سفر‭ ‬إرمياء‭ ‬كيف‭ ‬أن‭ ‬الله‭ ‬يعرفنا‭ ‬قبل‭ ‬تكويننا‭ ‬من‭ ‬الأساس،‭ ‬ويقدِّسنا‭ ‬ونحن‭ ‬ما‭ ‬زلنا‭ ‬في‭ ‬الرحم،‭ ‬ويعرف‭ ‬مستقبلنا‭ ‬وما‭ ‬سنكون‭ ‬عليه‭ :‬‭‬‭”‬قَبْلَمَا‭ ‬صَوَّرْتُكَ‭ ‬فِي‭ ‬الْبَطْنِ‭ ‬عَرَفْتُكَ،‭ ‬وَقَبْلَمَا‭ ‬خَرَجْتَ‭ ‬مِنَ‭ ‬الرَّحِمِ‭ ‬قَدَّسْتُكَ‭. ‬جَعَلْتُكَ‭ ‬نَبِيًّا‭ ‬لِلشُّعُوبِ‭ “‬‭ ‬إرمياء‭ ‬5 ‭: ‬1‭ ‬

• ملاك‭ ‬الرب‭ ‬بشّر‭ ‬زكريا‭ ‬الكاهن‭ ‬بمولد‭ ‬ابناً‭ ‬له‭ ‬أي‭ ‬يوحنا‭ ‬المعمدان‭ ‬لوقا‭ ‬13 ‭: ‬1 ‬،‭‬ونرى‭ ‬بشارة‭ ‬رئيس‭ ‬الملائكة‭ ‬جبرائيل‭ ‬للسيدة‭ ‬للعذراء‭ ‬مريم‭ ‬بمولد‭ ‬السيد‭ ‬المسيح‭ ‬لوقا ‭ ‬31‭: 1

• كما‭ ‬تحدَّث‭ ‬الكتاب‭ ‬المقدس‭ ‬عن‭ ‬رحم‭ ‬المرأة‭  ‬في‭ ‬مواضِع‭ ‬عدة،‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬فَتْح‭ ‬الرحم‭ ‬كبركة‭ ‬من‭ ‬الله‭ ‬تكوين ‭ ‬31 : ‬29؛‭ ‬22 : ‬30 ‬،‭ ‬والطفل‭ ‬فاتح‭ ‬الرحم‭ ‬وتقديسه‭ ‬خروج‭ ‬12‭: ‬2،‭ ‬13،‭ ‬15؛‭ ‬19: ‬34

عدد‭ ‬15: ‬18؛‭ ‬لوقا‭ ‬23: ‬2 ‬،‭ ‬ويعرض‭ ‬أيوب‭ ‬كيف‭ ‬أن‭ ‬الطفل‭ ‬في‭ ‬الرحم‭ ‬له‭ ‬روح‭ ‬أيوب‭ ‬18‭: ‬10 ،‭ ‬ويذكر‭ ‬أيضاً‭ ‬أن‭ ‬الله‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬يصوِّرنا‭ ‬في‭ ‬الرحم‭ ‬أيوب‭ ‬15: ‬31 ‬،‭ ‬والله‭ ‬يعرف‭ ‬ما‭ ‬سيكون‭ ‬الإنسان‭ ‬عليه‭ ‬‭”‬مِنَ‭ ‬الرَّحِمِ‭” ‬‭ ‬مزمو‭ ‬58‭: ‬3؛‭ ‬إر‭ ‬5‭: ‬1‭ ‬،‭ ‬‭”‬وَيَزِيدُ‭ ‬أَيَّامَنَا‭ ‬مُنْذُ‭ ‬الرَّحِمِ‭”‬‭ (‬سيراخ‭ ‬24‭: ‬50‭ ‬،‭ ‬و‭”‬هو‭ ‬صَانِعُنا‭ ‬وَجَابِلُنا‭ ‬وحامِلنا‭ ‬مِنَ‭ ‬الرَّحِمِ‭”‬‭  ‬إشعياء ‭ ‬2‭: ‬44؛‭ ‬3 ‭: ‬46‭ ‬

• يتحدَّث‭ ‬داود‭ ‬النبي‭ ‬عن‭ ‬علاقتهُ‭ ‬بالله‭ ‬في‭ ‬صورة‭ ‬شعرية‭ ‬رائعة‭ ‬فيقول‭: ‬‭”‬لأَنَّكَ‭ ‬أَنْتَ‭ ‬جَذَبْتَنِي‭ ‬مِنَ‭ ‬الْبَطْنِ‭. ‬جَعَلْتَنِي‭ ‬مُطْمَئِنًّا‭ ‬عَلَى‭ ‬ثَدْيَيْ‭ ‬أُمِّي‭. ‬عَلَيْكَ‭ ‬أُلْقِيتُ‭ ‬مِنَ‭ ‬الرَّحِمِ‭. ‬مِنْ‭ ‬بَطْنِ‭ ‬أُمِّي‭ ‬أَنْتَ‭ ‬إِلهِي‭”‬‭ ‬مزمور ‭ ‬10 : ‬9،‭ ‬22 ‬فقد‭ ‬إرتمى‭ ‬على‭ ‬الرب‭ ‬منذ‭ ‬لحظة‭ ‬ميلاده،‭ ‬بل‭ ‬وهو‭ ‬في‭ ‬بطن‭ ‬أمه‭ ‬مرتبطاً‭ ‬بالله‭ ‬خالقه‭ ‬بالطبيعة‭.‬

• كما‭ ‬نذكر‭ ‬قصة‭ ‬أَلِيصَابَات‭ ‬في‭ ‬سلامها‭ ‬على‭ ‬مَرْيَمَ‭ ‬العذراء‭ ‬حينما‭ ‬‭”‬ارْتَكَضَ‭ ‬الْجَنِينُ‭ ‬فِي‭ ‬بَطْنِهَا‭”‬

‭‬لوقا‭ ‬41‭: ‬1 ‬،‭ ‬ويكرر‭ ‬نفس‭ ‬الأصحاح‭ ‬ذات‭ ‬الأمر‭ ‬بصورة‭ ‬أقوى‭ ‬توضح‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬الجنين‭ ‬كانت‭ ‬له‭ ‬مشاعر‭ ‬‭”‬ارْتَكَضَ‭ ‬الْجَنِينُ‭ ‬بِابْتِهَاجٍ‭ ‬فِي‭ ‬بَطْنِي‭”‬‭ (‬لوقا44‭: ‬1‭ ‬

• ويا‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬عَظَمة‭ ‬حينما‭ ‬يخبرنا‭ ‬الوحي‭ ‬الإلهي‭ ‬عن‭ ‬علاقة‭ ‬الله‭ ‬بنا‭: ‬‭”‬نَسَجْتَنِي‭ ‬فِي‭ ‬بَطْنِ‭ ‬أُمِّي‭.. ‬لَمْ‭ ‬تَخْتَفِ‭ ‬عَنْكَ‭ ‬عِظَامِي‭ ‬حِينَمَا‭ ‬صُنِعْتُ‭ ‬فِي‭ ‬الْخَفَاءِ‭ ‬أي‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬أولَد‭ .. ‬رَأَتْ‭ ‬عَيْنَاكَ‭ ‬أَعْضَائِي‭ ‬أعضاء‭ ‬جسدي‭ ‬،‭ ‬وَفِي‭ ‬سِفْرِكَ‭ ‬كُلُّهَا‭ ‬كُتِبَتْ‭ ‬يَوْمَ‭ ‬تَصَوَّرَتْ

إِذْ‭ ‬لَمْ‭ ‬يَكُنْ‭ ‬وَاحِدٌ‭ ‬مِنْهَا‭ ‬من‭ ‬لحظة‭ ‬اتحاد‭ ‬خلايا‭ ‬الرجل‭ ‬بالمرأة‭ ‬لتكوين‭ ‬الجنين،‭ ‬حيث‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬ولا‭ ‬واحد‭ ‬منها‭ ‬‭” ‬مزمور ‭ ‬16 ،‬15 ،‭ ‬13 : ‬139  ‬

• ويذكر‭ ‬أيوب‭ ‬بصورة‭ ‬شِعرية‭ ‬عملية‭ ‬تكوينه‭ ‬داخل‭ ‬بطن‭ ‬أمه،‭ ‬فيقول‭: ‬‭”‬يَدَاكَ‭ ‬كَوَّنَتَانِي‭ ‬وَصَنَعَتَانِي‭ ‬كُلِّي‭ ‬جَمِيعًا‭.. ‬اُذْكُرْ‭ ‬أَنَّكَ‭ ‬جَبَلْتَنِي‭ ‬كَالطِّينِ‭.. ‬أَلَمْ‭ ‬تَصُبَّنِي‭ ‬كَاللَّبَنِ،‭ ‬وَخَثَّرْتَنِي‭ ‬كَالْجُبْنِ؟‭ ‬كَسَوْتَنِي‭ ‬جِلْداً‭ ‬وَلَحْماً،‭ ‬فَنَسَجْتَنِي‭ ‬بِعِظَامٍ‭ ‬وَعَصَبٍ‭. ‬مَنَحْتَنِي‭ ‬حَيَاةً‭ ‬وَرَحْمَةً،‭ ‬وَحَفِظَتْ‭ ‬عِنَايَتُكَ‭ ‬رُوحِي”‭(‬أيوب ‭ ‬8 ‭- ‬12 ‭: 10 ‬إنه‭ ‬لا‭ ‬يتحدَّث‭ ‬عن‭ ‬أي‭ ‬شخص‭ ‬آخر،‭ ‬إنه‭ ‬يتحدث‭ ‬عن‭ ‬أيوب،‭ ‬ذلك‭ ‬اللحم‭ ‬وتلك‭ ‬العِظام‭ ‬والعصب‭ ‬قبل‭ ‬التكوين‭ ‬هي‭ ‬أيوب‭ ‬نفسه‭.‬

• إن‭ ‬وصية‭ ‬‭”‬لاَ‭ ‬تَقْتُلْ‭”‬‭ ‬خروج ‭ ‬13 : ‬20؛‭ ‬تثنية ‭ ‬17 ‭: ‬5تنطبق‭ ‬كذلك‭ ‬على‭ ‬الجنين‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬يولَد‭ ‬بعد‭..  ‬أي‭ ‬أن‭ ‬فيه‭ ‬حياة،‭ ‬وهو‭ ‬إنسان‭ ‬مثلثه‭ ‬مثل‭ ‬باقي‭ ‬البشر‭..  ‬ولم‭ ‬تنتهِ‭ ‬وصية‭ ‬عدم‭ ‬القتل‭ ‬بنهاية‭ ‬العهد‭ ‬القديم،‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬وصية‭ ‬عامة‭ ‬لكل‭ ‬الأجيال،‭ ‬بل‭ ‬وتكرَّرَت‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مرة‭ ‬في‭ ‬العهد‭ ‬الجديد،‭ ‬وعلى‭ ‬لسان‭ ‬السيد‭ ‬المسيح‭ ‬نفسه‭ ‬كذلك‭.‬

• وفي‭ ‬العهد‭ ‬الجديد‭ ‬يستعمل‭ ‬القديس‭ ‬لوقا‭ ‬الإنجيلي‭ ‬الكلمة‭ ‬اليونانية‭ ‬”بريفوس‭”‬‭ ‬ومعناها‭ ‬‭”‬طفل‭”‬‭  ‬ليدل‭ ‬بها‭ ‬نفسها‭ ‬على‭ ‬الجنين‭ ‬النبي‭ ‬يوحنا‭ ‬المعمدان‭ ‬،‭ ‬وعلى‭ ‬الطفل‭ ‬الإلهي‭ ‬المولود‭ ‬أيضاً‭ ‬‭” ‬فَهُوَذَا‭ ‬حِينَ‭ ‬صَارَ‭ ‬صَوْتُ‭ ‬سَلاَمِكِ‭ ‬فِي‭ ‬أُذُنَيَّ‭ ‬ارْتَكَضَ‭ ‬الْجَنِينُ‭ ‬بِابْتِهَاجٍ‭ ‬فِي‭ ‬بَطْنِي‭ ‬‭”‬‭ ‬لوقا44‭: ‬1‭ ‬،‭  ‬ و‭” “‬وَهذِهِ‭ ‬لَكُمُ‭ ‬الْعَلاَمَةُ‭: ‬تَجِدُونَ‭ ‬طِفْلًا‭ ‬مُقَمَّطًا‭ ‬مُضْجَعًا‭ ‬فِي‭ ‬مِذْوَدٍ‮»‬‭ ‬‭”

“‬‭ ‬لوقا 2 : ‭ ‬12‬وفي‭ ‬كلا‭ ‬العبارتين‭ ‬يستعمل‭ ‬الإنجيلي‭ ‬كلمة‭ ‬‭”‬بريفوس‭”‬‭ ‬السابقة‭ ‬للدلالة‭ ‬على‭ ‬الجنين‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬يولد‭ ‬بعد‭ ‬وعلى‭ ‬الطفل‭ ‬الإلهي‭ ‬المولود،‭ ‬حسبما‭ ‬ورد‭ ‬في‭ ‬النص‭ ‬اليوناني‭ ‬الأصلي‭.‬

• وهناك‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬النصوص‭ ‬التي‭ ‬تتحدث‭ ‬عن‭ ‬إختيار‭ ‬الله‭ ‬لأشخاص‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬ولادتهم‭ ‬لتعيينهم‭ ‬ودعوتهم‭ ‬وتقديس‭ ‬هؤلاء‭ ‬الأطفال‭ ‬غير‭ ‬المولودين‭ ‬بعد‭ ‬بالنعمة‭ ‬الإلهية،‭ ‬مما‭ ‬يؤكد‭ ‬رأي‭ ‬الكنيسة‭ ‬الكتابيّ‭ ‬بأن‭ ‬الجنين‭ ‬ليس‭ ‬كائناً‭ ‬حياً‭ ‬فحسب‭ ‬بل‭ ‬هو‭ ‬شخص‭ ‬قائم‭ ‬بذاته‭. ‬ولذلك‭ ‬تعيّد‭ ‬الكنيسة‭ ‬للحبل‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬بالسيد‭ ‬المسيح‭ ‬بالجسد‭ ‬عيد‭ ‬البشارة‭ ‬بل‭ ‬كذلك‭ ‬للحبل‭ ‬بوالدته‭ ‬السيدة‭ ‬العذراء‭ ‬مريم‭ ‬والحبل‭ ‬بالنبي‭ ‬يوحنا‭ ‬المعمدان‭. ‬

• وإلى‭ ‬أبعد‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬فالكنيسة‭ ‬الأرثوذكسية‭ ‬التي‭ ‬تعتبر‭ ‬الجسد‭ ‬هو‭ ‬هيكل‭ ‬الروح‭ ‬القدس‭ ‬حسب‭ ‬تعليم‭ ‬القديس‭ ‬بولس‭ ‬كورنثوس‭ ‬الأولى19‭: ‬6‭ ‬

تعتبر‭ ‬الإجهاض‭ ‬ليس‭ ‬جريمة‭ ‬قتل‭ ‬بحق‭ ‬كائن‭ ‬حي‭ ‬فقط،‭ ‬بل‭ ‬جريمة‭ ‬تطال‭ ‬روح‭ ‬الله‭ ‬القدوس‭ ‬أيضاً‭.‬

رأي‭ ‬الكـنـيـســـة‭ ‬وآبـــاء‭ ‬الكنـيسـة‭ ‬حــول‭ ‬الإجـهــاض‭:‬

هنـا‭ ‬نرى‭ ‬كيــف‭ ‬فهمـــت‭ ‬الكنيســـة‭ ‬عبــــر‭ ‬العصور‭ ‬نصوص‭ ‬الكتــاب‭ ‬المقــــدس‭ ‬كمـــــا‭ ‬ننادي‭ ‬بها‭ ‬الآن،‭ ‬بخطـأ‭ ‬إجــراء‭ ‬الإجــهـــاض‭ ‬الإختياري‭:‬

•‭ ‬قوانين‭ ‬الآباء‭ ‬الرسل‭ ‬الاثني‭ ‬عشر

‭‬حوالـي‭ ‬سنة‭ ‬70‭ ‬م‭ : ‬لا‭ ‬تقتل‭ ‬طفـلاً‭ ‬بالإجهـاض،‭ ‬ولا‭ ‬تقتل‭ ‬طفلاً‭ ‬حديث‭ ‬الميلاد‭. ‬

•‭ ‬القديس‭ ‬يوحنا‭ ‬ذهبي‭ ‬الفم

‭ ‬349-407‭ ‬م‭ :‬‭ ‬لماذا‭ ‬تقوموا‭ ‬بإساءة‭ ‬عطية‭ ‬إنجاب‭ ‬الأبناء‭ ‬وتحويلها‭ ‬للذبح‭..‬؟‭!‬

•‭ ‬القديس‭ ‬أغسطينوس‭ ‬354-430‭ ‬م‭ : ‬حذَّر‭ ‬القديس‭ ‬أغسطينوس‭ ‬أسقف‭ ‬هيبو‭ ‬عن‭ ‬‭”‬قتل‭ ‬الأبناء‭ ‬الغير‭ ‬مولودين‭”‬‭.‬

•‭ ‬القديس‭ ‬باسيليوس‭ ‬الكبير‭ ‬أسقف‭ ‬قيصرية‭ (‬329-379‭ ‬م‭:‬

أ‭- ‬نقرأ‭ ‬في‭ ‬مجموعة‭ ‬آباء‭ ‬نيقية‭ ‬وما‭ ‬بعدها‭: ‬أي‭ ‬‭”‬إن‭ ‬النساء‭ ‬اللائي‭ ‬يتناولن‭ ‬عقاقير‭ ‬تؤدي‭ ‬إلى‭ ‬الإجهاض،‭ ‬واللائي‭ ‬يأخذن‭ ‬سموماً‭ ‬لإتلاف‭ ‬الأبناء‭ ‬الذين‭ ‬لم‭ ‬يولدوا‭ ‬بعد،‭ ‬هنَّ‭ ‬قاتِلات‭”‬‭.‬

ب‭- ‬وفي‭ ‬رسالته‭ ‬القانونية‭ ‬الأولى‭ (‬عام‭ ‬374‭ ‬م‭ ‬يقول‭ ‬في‭ ‬قانونـه‭ ‬الثانـي‭: ‬‭”‬فلتُعطـى‭ ‬تـلـك‭ ‬التي‭ ‬تدبِّر‭ ‬إجهاضاً‭ ‬قانون‭ ‬توبة‭ ‬لمدة‭ ‬عشــرة‭ ‬سـنوات،‭ ‬سواء‭ ‬أكـان‭ ‬الجنيــن‭ ‬قــد‭ ‬اكـتـمــل‭ ‬تكوينه‭ ‬أم‭ ‬لا‭”‬‭.‬

رأى‭ ‬بعض‭ ‬الأباء‭ ‬أن‭ ‬الروح‭ ‬والجسد‭ ‬يتحدان‭ ‬معاً‭ ‬في‭ ‬آن‭ ‬واحد،‭ ‬ومن‭ ‬القائلين‭ ‬بذلك‭ ‬غريغوريوس‭ ‬اللاهوتي،‭ ‬غريغوريوس‭ ‬النيصي،‭ ‬مكاريوس‭ ‬المصري‭ ‬وغيرهم‭…‬

والكنيسة‭ ‬تميل‭ ‬لهذا‭ ‬الرأي‭ ‬وهي‭ ‬تعلّم‭ ‬بأن‭ ‬السيد‭ ‬المسيح‭ ‬صار‭ ‬إنساناً‭ ‬منذ‭ ‬لحظة‭ ‬الحبل‭ ‬به‭. ‬وقد‭ ‬أجمع‭ ‬الآباء‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الحمل‭ ‬هو‭ ‬عطية‭ ‬الله،‭ ‬وكل‭ ‬شخص‭ ‬يعتدي‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬العطية‭ ‬ويحاول‭ ‬تدميرها‭ ‬إنما‭ ‬هو‭ ‬يعتدي‭ ‬على‭ ‬قانون‭ ‬الله‭. ‬

والقديس‭ ‬غريغوريوس‭ ‬النيصي‭ ‬رأى‭ ‬أن‭ ‬الجنين‭ ‬هو‭ ‬كائن‭ ‬حي‭ ‬بشري‭ ‬تام‭ ‬منذ‭ ‬لحظة‭ ‬الحبل‭ ‬به،‭ ‬ورفض‭ ‬نظريات‭ ‬التكون‭ ‬المرحلية‭ ‬‭”‬‭ ‬يجب‭ ‬علينا‭ ‬الإعتقاد‭ ‬بأن‭ ‬لحظة‭ ‬البدء‭ ‬هي‭ ‬واحدة‭ ‬ونفسها‭ ‬للنفس‭ ‬والجسد‭ ‬على‭ ‬السواء‭ ‬‭”‬‭.‬

وقد‭ ‬أكّد‭ ‬العلامة‭ ‬ترتليان‭ ‬القرطاجي‭ ‬أن‭ ‬‭”‬‭ ‬الإجهاض‭ ‬هو‭ ‬قتل‭ ‬ولا‭ ‬يهم‭ ‬إذا‭ ‬سُلبت‭ ‬الحياة‭ ‬أثناء‭ ‬التشكّل‭ ‬أو‭ ‬بعد‭ ‬تمام‭ ‬التصوّر‭ ‬لأنه‭ ‬كائن‭ ‬حي‭ ‬‭”‬‭. ‬

وقد‭ ‬أدانت‭ ‬المجامع‭ ‬الكنسية‭ ‬المحلية‭ ‬والمسكونية‭ ‬على‭ ‬مر‭ ‬العصور‭ ‬الإجهاض‭ ‬معتبرة‭ ‬إياه‭ ‬جريمة‭ ‬قتل‭ ‬إذ‭ ‬أن‭ ‬إيمان‭ ‬الكنيسة‭ ‬يختلف‭ ‬عن‭ ‬إيمان‭ ‬بعض‭ ‬المجتمعات‭ ‬والمعتقدات،‭ ‬فبالنسبة‭ ‬للكنيسة‭ ‬يُعتبر‭ ‬الإجهاض‭ ‬جريمة،‭ ‬حيث‭ ‬ترى‭ ‬الكنيسة‭ ‬أن‭ ‬الحياة‭ ‬البشرية‭ ‬تبدأ‭ ‬منذ‭ ‬لحظة‭ ‬الحمل‭ (‬لحظة‭ ‬اتحاد‭ ‬النطفة‭ ‬بالبويضة وذلك‭ ‬تماشياً‭ ‬مع‭ ‬تعاليم‭ ‬كتابها‭ ‬المقدس‭.‬

وترى‭ ‬الكنيسة‭ ‬أن‭ ‬مراحل‭ ‬تخلّق‭ ‬وتكوّن‭ ‬الأنسجة‭ ‬عند‭ ‬الجنين‭ ‬داخل‭ ‬رحم‭ ‬الأم‭ ‬هي‭ ‬حياة‭ ‬مقدسة‭ ‬وليس‭ ‬لأحد‭ ‬سوى‭ ‬الله‭ ‬وحدة‭ ‬حق‭ ‬تقرير‭ ‬مصير‭ ‬هذا‭ ‬الكائن‭ ‬الحي‭. ‬وكما‭ ‬ترى‭ ‬الكنيسة‭ ‬أنه‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬حق‭ ‬أحد‭ ‬أن‭ ‬ينهي‭ ‬حياته‭ ‬أو‭ ‬حياة‭ ‬شخص‭ ‬آخر،‭ ‬فإن‭ ‬هذا‭ ‬المنع‭ ‬يطال‭ ‬الحياة‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تزل‭ ‬تتشكل‭ ‬في‭ ‬رحم‭ ‬الأم‭ ‬الحامل‭.‬

‭ ‬ومن‭ ‬هذا‭ ‬تعتبر‭ ‬الكنيسة‭ ‬الرأي‭ ‬حول‭ ‬حق‭ ‬الأم‭ ‬بإجهاض‭ ‬الجنين‭ ‬بأنه‭ ‬أنانيّ‭ ‬وخاطيء ففي‭ ‬المسيحية‭ ‬الجسد‭ ‬هو‭ ‬لله‭ ‬الخالق‭ ‬والطفل‭ ‬له‭ ‬أيضاً،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬الرحم‭ ‬والحياة‭ ‬هي‭ ‬له‭ ‬كذلك‭. ‬الله‭ ‬هو‭ ‬خالق‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬وهو‭ ‬من‭ ‬نفخ‭ ‬الحياة‭ ‬في‭ ‬التراب‭ ‬فكان‭ ‬آدم‭ ‬نفساً‭ ‬حية‭. ‬الله‭ ‬وحده‭ ‬هو‭ ‬معطي‭ ‬الحياة‭ ‬وله‭ ‬وحده‭ ‬الحق‭ ‬والسلطة‭ ‬في‭ ‬إستردادها‭. ‬

يحتج‭ ‬مناصروا‭ ‬الإجهاض‭ ‬أن‭ ‬الجنين‭ ‬في‭ ‬الأسابيع‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬الحمل‭ ‬معتمد‭ ‬كلياً‭ ‬على‭ ‬الأم‭ ‬وغير‭ ‬قابل‭ ‬للحياة‭ ‬بمفرده‭ ‬خارج‭ ‬رحمها،‭ ‬لذلك‭ ‬ينظرون‭ ‬له‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬جسد‭ ‬الأم‭ ‬وليس‭ ‬كائناً‭ ‬مستقلاً‭.‬

لكن‭ ‬الكنيسة‭ ‬لا‭ ‬تعير‭ ‬ذلك‭ ‬أهمية‭ ‬إذ‭ ‬أنها‭ ‬ترى‭ ‬أن‭ ‬حياة‭ ‬جديدة‭ ‬قد‭ ‬بدأت‭ ‬مع‭ ‬لحظة‭ ‬الحمل،‭ ‬وهو‭ ‬ذات‭ ‬الأمر‭ ‬بالنسبة‭ ‬للطفل‭ ‬حديث‭ ‬الولادة،‭ ‬والذي‭ ‬سوف‭ ‬يموت‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬يهتم‭ ‬به‭ ‬ويطعمه‭ ‬ويغذّيه‭. ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬للكنيسة‭ ‬أن‭ ‬تقبل‭ ‬أن‭ ‬الجنين‭ ‬ليس‭ ‬كائناً‭ ‬حياً‭ ‬مستقلاً‭ ‬لمجرد‭ ‬كونه‭ ‬لا‭ ‬يستطيع‭ ‬العيش‭ ‬بمفرده‭.‬

تؤمن‭ ‬الكنيسة‭ ‬بمبدأ‭ ‬حماية‭ ‬الحياة‭ ‬البريئة‭ ‬وخصوصاً‭ ‬الأطفال‭ ‬الذين‭ ‬لم‭ ‬يولدوا‭ ‬بعد وتلعب‭ ‬دوراً‭ ‬كبيراً‭ ‬في‭ ‬محاربة‭ ‬تشريع‭ ‬الإجهاض‭ ‬ببعديه‭ ‬الأخلاقي‭ ‬والقانوني،‭ ‬وهي‭ ‬تعتبر‭ ‬أن‭ ‬القوانين‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬تعبيراً‭ ‬إيجابياً‭ ‬عن‭ ‬المعايير‭ ‬الأخلاقية‭ ‬للمجتمعات‭.‬

ظـــروف‭ ‬خــــــاصــــــة‭ ‬

الحالة‭ ‬الوحيدة‭ ‬التي‭ ‬تعتبر‭ ‬فيها‭ ‬الكنيسة‭ ‬المقدسة‭ ‬أن‭ ‬الإجهاض‭ ‬ليس‭ ‬إرادي وهذا‭ ‬الإعتبار‭ ‬غير‭ ‬رسمي‭ ‬،‭ ‬هي‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬حالة‭ ‬الأم‭ ‬الصحية‭ ‬لا‭ ‬تسمح‭ ‬لها‭ ‬بالولادة،‭ ‬كما‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬إصابة‭ ‬الأم‭ ‬بالسرطان‭ ‬وتوجب‭ ‬إخضاعها‭ ‬للعلاج‭ ‬الكيميائي،‭ ‬أو‭ ‬حالات‭ ‬مرضية‭ ‬أخرى،‭ ‬إذ‭ ‬يكون‭ ‬علاج‭ ‬الأم‭ ‬في‭ ‬مثل‭ ‬هذهِ‭ ‬الحالات‭ ‬بحد‭ ‬ذاته‭ ‬يشكل‭ ‬خطراً‭ ‬على‭ ‬الجنين‭.‬

أيضاً‭ ‬الكنيسة‭ ‬المقدسة‭ ‬مع‭ ‬علمها‭ ‬وإدراكها‭ ‬الشديد‭ ‬بحساسية‭ ‬المسألة‭ ‬وتعقيدها‭ ‬‭”‬تأخذ‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الحالات‭ ‬بمفردها‭”‬،‭ ‬وترى‭ ‬أنه‭ ‬لو‭ ‬سبّب‭ ‬العلاج‭ ‬الذي‭ ‬تخضع‭ ‬له‭ ‬الأم‭ ‬إلى‭ ‬وفاة‭ ‬الجنين‭ ‬وإجهاضه‭ ‬فهذا‭ ‬لا‭ ‬يعتبر‭ ‬‭”‬إجهاضاً‭ ‬مقصوداً‭”‬‭ ‬لأن‭ ‬الهدف‭ ‬كان‭ ‬بالأساس‭ ‬إنقاذ‭ ‬حياة‭ ‬الأم‭ ‬وليس‭ ‬قتل‭ ‬الطفل‭ ‬أو‭ ‬التخلص‭ ‬منه،‭ ‬وأن‭ ‬وفاة‭ ‬الجنين‭ ‬كانت‭ ‬نتيجة‭ ‬حتمية‭ ‬لإنقاذ‭ ‬حياة‭ ‬الأم‭. ‬وفي‭ ‬حالات‭ ‬كهذه‭ ‬على‭ ‬الأم‭ ‬والأب‭ ‬أن‭ ‬يلجأ‭ ‬بشدة‭ ‬للصلاة‭ ‬وإستشارة‭ ‬الأسقف‭ ‬والأب‭ ‬الروحي،‭ ‬لكي‭ ‬يتم‭ ‬إتخاذ‭ ‬القرار‭ ‬الأكثر‭ ‬صواباً‭. ‬ولكن‭ ‬رغم‭ ‬هذه‭ ‬الحالات‭ ‬الخاصة‭ ‬جداً‭ ‬والإسثنائية‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬الكنيسة‭ ‬تؤكد‭ ‬أن‭ ‬الإجهاض‭ ‬هو‭ ‬حزن‭ ‬للرب‭ ‬بالدرجة‭ ‬الأولى‭. ‬والكنيسة‭ ‬المقدسة‭ ‬تُذكّر‭ ‬أنه‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬لا‭ ‬نفقد‭ ‬الثقة‭ ‬في‭ ‬الله‭ ‬رغم‭ ‬صعوبات‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬ونتذكر‭ ‬دائماً‭ ‬دور‭ ‬الله‭ ‬وقدرته‭ ‬على‭ ‬المعجزات‭.‬

أحبائي،‭ ‬هذه‭ ‬كلها‭ ‬حالات‭ ‬نادرة‭ ‬تتفهّم‭ ‬فيها‭ ‬الكنيسة‭ ‬الظروف‭ ‬التي‭ ‬أودت‭ ‬بحياة‭ ‬الأجنة‭ ‬وأدت‭ ‬إلى‭ ‬إجهاضهم،‭ ‬كما‭ ‬في‭ ‬الحالة‭ ‬المذكورة‭ ‬أعلاه،‭ ‬لكن‭ ‬الكنيسة‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬لها‭ ‬أن‭ ‬تقبل‭ ‬بالإجهاض‭ ‬كوسيلة‭ ‬لتحديد‭ ‬النسل‭ ‬عند‭ ‬الحبل‭ ‬بطفل‭ ‬غير‭ ‬متوقع،‭ ‬أو‭ ‬تفادياً‭ ‬لولادة‭ ‬طفل‭ ‬معوق‭.‬

أما بخصوص‭ ‬إنزال‭ ‬الطفل‭ ‬بسبب‭ ‬الظروف‭ ‬المادية،‭ ‬فإذا‭ ‬أنزلته‭ ‬تكون‭ ‬قاتل‭ ‬نفس‭. ‬فالجنين‭ ‬نفس‭ ‬يريد‭ ‬لها‭ ‬الله‭ ‬الحياة،‭ ‬وأنت‭ ‬بإنزاله‭ ‬تمنعها‭ ‬من‭ ‬الحياة‭.‬

أما‭ ‬حول‭ ‬موضوع‭ ‬إكتشاف‭ ‬إعاقة‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬الجنين‭: ‬فليس‭ ‬من‭ ‬حقنا‭ ‬أبداً‭ ‬أن‭ ‬نقتل‭ ‬نفس‭ ‬مهما‭ ‬كانت‭ ‬مشوهة‭ ‬كما‭ ‬أنه‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬حقنا‭ ‬أن‭ ‬نقتل‭ ‬أنفسنا،‭ ‬أما‭ ‬كون‭ ‬أنه‭ ‬مشوه‭ ‬أو‭ ‬مُعاق‭. ‬فهل‭ ‬نحن‭ ‬نستطيع‭ ‬أن‭ ‬نقتل‭ ‬كل‭ ‬المشوهين‭ ‬في‭ ‬العالم؟‭! ‬بالطبع‭ ‬لا،‭ ‬هذا‭ ‬ليس‭ ‬هذا‭ ‬من‭ ‬حقنا‭. ‬فالمشوه‭ ‬أو‭ ‬المعاق‭ ‬له‭ ‬حق‭ ‬الحياة‭. ‬ليس‭ ‬لنا‭ ‬أن‭ ‬نتحكم‭ ‬في‭ ‬أرواح‭ ‬الناس‭ ‬ونقتل‭ ‬المشوهين‭. ‬أما‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬أن‭ ‬الأم‭ ‬في‭ ‬الشهور‭ ‬الأولى فحتى‭ ‬لو‭ ‬كانت‭ ‬حامل‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬واحد‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬حقنا‭ ‬أن‭ ‬نُصَرِّحَ‭ ‬لها‭ ‬بقتل‭ ‬الجنين‭…‬

تلخيص‭ ‬الموقف‭ ‬المسيحي‭ ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬نؤكد‭ ‬ما‭ ‬يلي‭:‬

•‭ ‬المسيحية‭ ‬تعتبر‭ ‬غير‭ ‬المولود‭ ‬خليقة‭ ‬الله،‭ ‬كائناً‭ ‬متميزاً‭ ‬عن‭ ‬المرأة‭ ‬وإن‭ ‬عاش‭ ‬في‭ ‬أحشائها‭. ‬معمودية‭ ‬المرأة‭ ‬الحامل‭ ‬لا‭ ‬تعني‭ ‬معمودية‭ ‬الطفل،‭ ‬القانون‭ ‬6‭ ‬من‭ ‬مجمع‭ ‬قيصرية‭ ‬الجديدة‭.‬

•‭ ‬المسيحية‭ ‬تؤكد‭ ‬قداسة‭ ‬الحياة‭ ‬الإنسانية‭ ‬ولا‭ ‬أخلاقية‭ ‬للإجهاض‭.‬

•‭ ‬آمنت‭ ‬الكنيسة‭ ‬بأن‭ ‬غير‭ ‬المولود‭ ‬ذو‭ ‬شخصية‭ ‬قائمة‭ ‬بذاتها‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬ينمو‭ ‬نموا‭ ‬كاملاً‭ ‬في‭ ‬الجسد‭.‬

•‭ ‬الإجهاض‭ ‬ثورة‭ ‬على‭ ‬عمل‭ ‬الله‭ ‬وتدبيره‭ ‬الخلاصي‭ ‬للعالم‭ ‬والبشرية‭. ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يعرف‭ ‬بالكفر‭ ‬بالخالق

lasphemia Creatoris‭ ‬ ولما‭ ‬كان‭ ‬الإنسان‭ ‬خلقة‭ ‬الله،‭ ‬يبرز‭ ‬إلى‭ ‬الوجود‭ ‬بالمشيئة‭ ‬الإلهية،‭ ‬ويُتمّ‭ ‬حياته‭ ‬بتدبير‭ ‬من‭ ‬خالقه،‭ ‬فالجنين‭ ‬هو‭ ‬خلقة‭ ‬الله‭ ‬في‭ ‬رحم‭ ‬المرأة،‭ ‬ووديعة‭ ‬تسلم‭ ‬إلى‭ ‬الأهل‭ ‬للحفاظ‭ ‬عليها‭. ‬الإنجاب‭ ‬هو‭ ‬كالخلق،‭ ‬بل‭ ‬هو‭ ‬مشاركة‭ ‬فيه‭. ‬ولذلك‭ ‬لا‭ ‬سلطان‭ ‬للبشر‭ ‬على‭ ‬نسمة‭ ‬الحياة،‭ ‬فكلّ‭ ‬ما‭ ‬يُطلب‭ ‬منا‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬نصونها‭ ‬ونعززها‭.‬

•‭ ‬تحريم‭ ‬القتل‭ ‬هو‭ ‬القاسم‭ ‬المشترك‭ ‬بين‭ ‬المعتقدات‭ ‬الخلقية‭ ‬والدينية‭ ‬المتعددة‭. ‬الإجهاض‭ ‬هو‭ ‬قتل‭ ‬الجنين‭ ‬سواء‭ ‬اكتمل‭ ‬أم‭ ‬لم‭ ‬يكتمل‭. ‬إحلال‭ ‬السلام‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬يتطلب‭ ‬نزع‭ ‬كل‭ ‬أنواع‭ ‬العنف‭ ‬والكره‭ ‬والعدواة‭ ‬تجاه‭ ‬كل‭ ‬كائن‭ ‬حي،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الطفل‭ ‬غير‭ ‬المولود‭. ‬عندما‭ ‬نقاوم‭ ‬الإجهاض‭ ‬نحرر‭ ‬الأجنة‭ ‬من‭ ‬العنف‭ ‬الممارس‭ ‬ضدهم‭ ‬ونحرر‭ ‬ألام‭ ‬من‭ ‬العنف‭ ‬الممارس‭ ‬ضد‭ ‬جسدها‭.‬

•‭ ‬احترام‭ ‬الحياة‭ ‬الإنسانية‭ ‬واجب‭ ‬علينا‭ ‬لانّ‭ ‬كل‭ ‬بشر،‭ ‬مولودا‭ ‬أكان‭ ‬أم‭ ‬غير‭ ‬مولود،‭ ‬هو‭ ‬مخلوق‭ ‬على‭ ‬صورة‭ ‬الله‭. ‬الحياة‭ ‬الإنسانية‭ ‬سيرورة‭ ‬نحو‭ ‬الخالق‭ ‬مستمرة‭. ‬والجنين‭ ‬يملك‭ ‬تلك‭ ‬القوة‭ ‬التي‭ ‬إن‭ ‬سمحنا‭ ‬لها‭ ‬أن‭ ‬تكتمل‭ ‬بلغت‭ ‬التشبه‭ ‬بالله‭ .‬

•‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬إتلاف‭ ‬الحياة‭ ‬عندما‭ ‬لا‭ ‬نريدها‭ ‬أو‭ ‬عندما‭ ‬تكون‭ ‬نوعية‭ ‬الحياة‭ ‬أدني‭ ‬من‭ ‬المعتاد‭. ‬لذلك‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تتعاطف‭ ‬الكنيسة‭ ‬مع‭ ‬غير‭ ‬المولودين‭ ‬وتهتم‭ ‬أيضا‭ ‬بمعالجة‭ ‬النساء‭ ‬اللواتي‭ ‬لا‭ ‬يردن‭ ‬الجنين‭ ‬ويسعين‭ ‬إلى‭ ‬الإجهاض‭.‬

طلب‭ ‬المغفرة

في‭ ‬حالة‭ ‬وجود‭ ‬امرأة‭ ‬قد‭ ‬أجهضت‭ ‬ولم‭ ‬تعرف‭ ‬هذة‭ ‬الحقيقة،أي‭ ‬بأن‭ ‬الإجهاض‭ ‬خطيئة‭ ‬في‭ ‬نظر‭ ‬الله،‭ ‬وان‭ ‬الله‭ ‬يكره‭ ‬الإجهاض‭ ‬يجب‭ ‬عليها‭ ‬أن‭ ‬تعترف‭ ‬بهذه‭ ‬الخطيئة‭ ‬لأن‭ ‬الكتاب‭ ‬المقدس‭ ‬يعلمنا‭ ‬بأنه‭ ‬‭”‬إن‭ ‬اعترفنا‭ ‬بخطايانا،‭ ‬فهو‭ ‬أمين‭ ‬وعادل‭ ‬حتى‭ ‬يغفر‭ ‬لنا‭ ‬خطايانا‭ ‬ويطهرنا‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬إثم ‬1 يوحنا ‭ ‬9‭:‬1 ‬كما‭ ‬ان‭ ‬يسوع‭ ‬قد‭ ‬سامح‭ ‬نساء‭ ‬كُن‭ ‬قد‭ ‬عملن‭ ‬بعكس‭ ‬وصاياه يوحنا‭ ‬1-‬11‭:‬8 ‭ ‬ولأن‭ ‬الله‭ ‬محبة،‭ ‬وهو‭ ‬موجود‭ ‬لكل‭ ‬من‭ ‬يطلبهُ‭ ‬الذي‭ ‬يطلبه‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬القلب‭.‬

أحبائي،‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نضع‭ ‬حدّا‭ ‬لهذه‭ ‬المجزرة‭ ‬الصامتة،‭ ‬وأن‭ ‬يسعى‭ ‬المؤمنون‭ ‬بالحياة‭ ‬البشرية‭ ‬أن‭ ‬يرفعوا‭ ‬أصواتهم‭ ‬بالأصالة‭ ‬عن‭ ‬الأجنة‭ ‬الحية‭.‬

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى