سامح فريد

المياة .. سر الحياة

بقلم/ سامح فريد سليم

لا‭ ‬شك‭ ‬ان‭ ‬التغير‭ ‬المناخى‭ ‬فى‭ ‬العالم‭ ‬له‭ ‬تاثير‭ ‬كبير‭ ‬فى‭ ‬نقص‭ ‬المياه‭ ‬العذبة‭ ‬فى‭ ‬بعض‭ ‬المناطق‭ ‬من‭ ‬العالم‭ ‬بل‭ ‬ونضوب‭ ‬المياه‭ ‬نهائيا‭ ‬فى‭ ‬بعض‭ ‬مناطق‭ ‬اخرى‭ ‬كما‭ ‬ان‭ ‬الزيادة‭ ‬السكانية‭ ‬المتسارعة‭ ‬فى‭ ‬بعض‭ ‬المناطق‭ ‬من‭ ‬العالم‭ ‬وسوء‭ ‬استخدام‭ ‬الموارد‭ ‬المائية‭ ‬فى‭ ‬بعض‭ ‬مثل‭ ‬اهدار‭ ‬المياه‭ ‬او‭ ‬استخدامها‭ ‬فى‭ ‬اماكن‭ ‬الترفيه‭ ‬مثل‭ ‬حمامات‭ ‬السباحة‭ ‬وملاعب‭ ‬الجولف‭ ‬او‭ ‬الزراعة‭ ‬بطرق‭ ‬بدائية‭ ‬قديمة‭ ‬تهدر‭ ‬المياه‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‮ ‬‭ ‬‮ ‬والخطر‭ ‬القادم‭ ‬اصبح‭ ‬وشيك‭ ‬الحدوث‭ ‬وظهرت‭ ‬بوادره‭ ‬فى‭ ‬القارة‭ ‬الافريقية‭ ‬المعروفة‭ ‬انها‭ ‬غنية‭ ‬بمواردها‭ ‬الطبيعية‭ ‬ففى‭ ‬كيب‭ ‬تاون‭ ‬وهى‭ ‬من‭ ‬اجمل‭ ‬المدن‭ ‬السياحية‭ ‬فى‭ ‬جنوب‭ ‬افريقيا‭ ‬وهى‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬اغنى‭ ‬الدول‭ ‬الافريقية‭ ‬ظهرت‭ ‬بوادر‭ ‬الازمة‭ ‬المائية‭ ‬فى‭ ‬نضوب‭ ‬المياه‭ ‬العذبة‭ ‬والوقوف‭ ‬فى‭ ‬طوابير‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬القليل‭ ‬من‭ ‬المياه‭ ‬وعلى‭ ‬الجانب‭ ‬الشمالى‭ ‬من‭ ‬القارة‭ ‬الافريقية‭ ‬نهر‭ ‬النيل‭ ‬ومشكلة‭ ‬سد‭ ‬النهضة‭ ‬والزيادة‭ ‬السكانية‭ ‬فى‭ ‬مصر‭ ‬واثيوبيا‭ ‬وبعض‭ ‬دول‭ ‬حوض‭ ‬النيل‭ ‬والتى‭ ‬تلتهم‭ ‬الاخضر‭ ‬واليابس‭ ‬اولا‭ ‬باول.

وليس‭ ‬موضوع‭ ‬المياه‭ ‬يمثل‭ ‬قلقا‭ ‬فقط‭ ‬لدول‭ ‬قارة‭ ‬بعينها‭ ‬او‭ ‬للفقراء‭ ‬فى‭ ‬العالم‭ ‬دون‭ ‬الاغنياء‭ ‬ولكن‭ ‬هناك‭ ‬دولا‭ ‬غنية‭ ‬وكبيرة‭ ‬تعانى‭ ‬فى‭ ‬بعض‭ ‬مناطقها‭ ‬من‭ ‬نقص‭ ‬المياه‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬ولاية‭ ‬كاليفورنيا‭ ‬فى‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الامريكية‭ ‬بها‭ ‬زيادة‭ ‬سكانية‭ ‬كبيرة‭ ‬ونقص‭ ‬فى‭ ‬المياه‭ ‬لقلة‭ ‬الموارد‭ ‬المائية‭ ‬بها‭ ‬فلا‭ ‬يستطيع‭ ‬السكان‭ ‬انتظار‭ ‬الكارثة‭ ‬القادمة‭ ‬حتى‭ ‬تقع‭ ‬بالفعل‭ ‬فليس‭ ‬الانفاق‭ ‬على‭ ‬المركبات‭ ‬الفضائية‭ ‬او‭ ‬الاسلحة‭ ‬النووية‭ ‬اهم‭ ‬من‭ ‬توجيه‭ ‬هذه‭ ‬الاموال‭ ‬واستثمارها‭ ‬فى‭ ‬مشاريع‭ ‬المياه‭ ‬والطاقة‭ ‬التى‭ ‬يحتاجها‭ ‬الانسان‭ ‬لكى‭ ‬يحيا‭ ‬ويعيش‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الارض‭ ‬فمثلا‭ ‬يمكن‭ ‬التوسع‭ ‬فى‭ ‬انشاء‭ ‬محطات‭ ‬كبيرة‭ ‬لتحلية‭ ‬مياه‭ ‬البحر‭ ‬على‭ ‬المناطق‭ ‬الساحلية‭ ‬القريبة‭ ‬من‭ ‬البحار‭ ‬والمحيطات‭ ‬باستخدام‭ ‬الطاقة‭ ‬النووية‭ ‬والشمسية‭ ‬والرياح‭ ‬فى‭ ‬تحلية‭ ‬مياه‭ ‬البحر‭ ‬بكميات‭ ‬كبيرة‭ ‬تكفى‭ ‬لسد‭ ‬العجز‭ ‬المائى‭ ‬فاذا‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬نقصا‭ ‬فى‭ ‬المياه‭ ‬ستفقد‭ ‬الدولة‭ ‬مقومات‭ ‬السياحة‭ ‬والاستثمار‭ ‬وسيترتب‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬نزوح‭ ‬السكان‭ ‬من‭ ‬المناطق‭ ‬الفقيرة‭ ‬مائيا‭ ‬الى‭ ‬مناطق‭ ‬اخرى‮ ‬‭ -‬‮ ‬‭ ‬والنقطة‭ ‬الاهم‭ ‬التى‭ ‬تخشاها‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬الان‭ ‬الصراع‭ ‬القادم‭ ‬سيكون‭ ‬على‭ ‬المياه‭ ‬او‭ ‬حروب‭ ‬المياه‭ ‬فليس‭ ‬الغاز‭ ‬او‭ ‬البترول‭ ‬او‭ ‬الذهب‭ ‬يشكل‭ ‬خطرا‭ ‬اهم‭ ‬من‭ ‬مصادر‭ ‬المياة.‭ ‬

فاعادة‭ ‬التوازن‭ ‬المائى‭ ‬الى‭ ‬العالم‭ ‬سيجعل‭ ‬العالم‭ ‬اكثر‭ ‬امانا‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬تعانى‭ ‬الدول‭ ‬من‭ ‬العطش‭ ‬فتلجا‭ ‬الى‭ ‬استخدام‭ ‬القوة‭ ‬العسكرية‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬مصادر‭ ‬المياه،‭ ‬ولمنع‭ ‬حروب‭ ‬المياه‭ ‬القادمة‭ ‬فى‭ ‬العالم‭ ‬اقترح‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬المنبر‭ ‬الاعلامى‭ ‬انشاء‭ ‬منظمة‭ ‬دولية‭ ‬خاصة‭ ‬بالمياه‭ ‬تكون‭ ‬تابعة‭ ‬للامم‭ ‬المتحدة‭ ‬تقوم‭ ‬برصد‭ ‬المياه‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬العالم‭ ‬وتقوم‭ ‬بتوزيعها‭ ‬طبقا‭ ‬للقانون‭ ‬الدولى‭ ‬وانشاء‭ ‬معاهدات‭ ‬دولية‭ ‬جديدة‭ ‬خاصة‭ ‬بالموارد‭ ‬المائية‭ ‬المختلفة‭ ‬وخاصة‭ ‬الانهار‭ ‬الدولية‭ ‬والبحيرات‭ ‬الدولية‭ ‬والمياة‭ ‬الجوفية‭ ‬التى‭ ‬تطل‭ ‬عليها‭ ‬اكثر‭ ‬من‭ ‬دولة‭ ‬وان‭ ‬تقوم‭ ‬هذه‭ ‬المنظمة‭ ‬الدولية‭ ‬باعادة‭ ‬توزيع‭ ‬الموارد‭ ‬المائية‭ ‬وتقسيمها‭ ‬وعدم‭ ‬اهدارها‭ ‬فى‭ ‬البحار‭ ‬والمحيطات‭ ‬دون‭ ‬الاستفادة‭ ‬منها‭ ‬فى‭ ‬دول‭ ‬المصب‭ ‬فهناك‭ ‬انهار‭ ‬كبيرة‭ ‬مثل‭ ‬نهر‭ ‬الكنغو‭ ‬التى‭ ‬تهدر‭ ‬مياهه‭ ‬فى‭ ‬المحيط‭ ‬الاطلنطى‭ ‬مما‭ ‬يتسبب‭ ‬فى‭ ‬زلازل‭ ‬فى‭ ‬نظرا‭ ‬لثقل‭ ‬المياه‭ ‬العذبة‭ ‬وقوة‭ ‬اندفاعها‭ ‬فى‭ ‬المحيط‭ ‬بينما‭ ‬هناك‭ ‬دولا‭ ‬اخرى‭ ‬تحتاج‭ ‬هذه‭ ‬المياه‭ ‬وهناك‭ ‬بحيرات‭ ‬مثل‭ ‬فكتوريا‭ ‬والبرتا‭ ‬وغيرها‭ ‬بها‭ ‬مياه‭ ‬كثيرة‭ ‬وعدد‭ ‬سكان‭ ‬قليل‭ ‬وهناك‭ ‬مناطق‭ ‬اخرى‭ ‬تتسبب‭ ‬كثرة‭ ‬المياه‭ ‬فيها‭ ‬فى‭ ‬الامراض‭ ‬التى‭ ‬تخلفها‭ ‬البرك‭ ‬والمستنقعات‭ ‬والاحراش‭ ‬مثل‭ ‬الذبلب‭ ‬القاتل‭ ‬فى‭ ‬جنوب‭ ‬السودان‮ ‬‭ ‬‮ ‬‭ -‬ويجب‭ ‬ان‭ ‬تقوم‭ ‬المنظمة‭ ‬بفض‭ ‬المنازعات‭ ‬على‭ ‬المياه‭ ‬بالطرق‭ ‬السلمية‭ ‬طبقا‭ ‬لتحكيم‭ ‬دولى‭ ‬باشراف‭ ‬كامل‭ ‬من‭ ‬مجلس‭ ‬الامن‭ ‬لتحقيق‭ ‬الامن‭ ‬المائى‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬ولمنع‭ ‬الحروب‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬اخرى،‭ ‬وعلى‭ ‬محور‭ ‬اخر‭ ‬ان‭ ‬تقوم‭ ‬هذه‭ ‬المنظمة‭ ‬باستقطاب‭ ‬علماء‭ ‬المياه‭ ‬والطاقة‭ ‬من‭ ‬جميع‭ ‬انحاء‭ ‬العالم‭ ‬لاستخدام‭ ‬طاقاتهم‭ ‬الفكرية‭ ‬والعلمية‭ ‬فى‭ ‬مساعدة‭ ‬الدول‭ ‬الفقيرة‭ ‬مائيا‭ ‬او‭ ‬التى‭ ‬ليس‭ ‬بها‭ ‬مصادر‭ ‬للمياه‭ ‬مثل‭ ‬الدول‭ ‬الصحراوية‮ ‬‭ ‬والدول‭ ‬الحبيسة‭ ‬التى‭ ‬لا‭ ‬تطل‭ ‬على‭ ‬نهر‭ ‬او‭ ‬بحر‭ ‬او‭ ‬فى‭ ‬مناطق‭ ‬جبلية‭ ‬وعرة‭.‬

وتقوم‭ ‬ايضا‭ ‬هذه‭ ‬المنظمة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مفتشيها‭ ‬الدوليين‭ ‬بالتفتيش‭ ‬الدولى‭ ‬على‭ ‬الدول‭ ‬للتاكد‭ ‬من‭ ‬حسن‭ ‬استغلال‭ ‬الموارد‭ ‬المائية‭ ‬بها‭ ‬وتقديم‭ ‬النصح‭ ‬والارشاد‭ ‬وتقديم‭ ‬المساعدات‭ ‬الدولية‭ ‬المالية‭ ‬لاقامة‭ ‬مشروعات‭ ‬خاصة‭ ‬بالمياه‭ ‬والطاقة،‭ ‬واخيرا‭ ‬اتمنى‭ ‬من‭ ‬الله‭ ‬ان‭ ‬يصل‭ ‬صوتى‭ ‬الخافت‭ ‬وسط‭ ‬ضجيج‭ ‬هذا‭ ‬العالم‭ ‬كمواطن‭ ‬يعيش‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الارض‭ ‬يتمنى‭ ‬السلام‭ ‬والامن‭ ‬المائى‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬الصراعات‭ ‬وفقدان‭ ‬الحياة‭ ‬بسبب‭ ‬اهم‭ ‬مقومات‭ ‬الحياة‭ ‬او‭ ‬سر‭ ‬الحياة‭ ‬وهى‭ ‬نقطة‭ ‬المياة‭.‬

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى