سامح فريد

أفريقيا الكنز المفقود

بقلم/ سامح فريد سليم

كلمة‭ ‬قالها‭ ‬احد‭ ‬حكماء‭ ‬العصر‭ ‬الحديث‭ ‬عاشق‭ ‬افريقيا‭ ‬استاذنا‭ ‬الدكتور‭ ‬الراحل‭ ‬العظيم‭ ‬بطرس‭ ‬بطرس‭ ‬غالى‭ ‬الدبلوماسى‭ ‬القدير‭ ‬واستاذ‭ ‬القانون‭ ‬الدولى‭ ‬العام‭ ‬بكلية‭ ‬الحقوق‭ ‬جامعة‭ ‬القاهرة‭ ‬وتشرفت‭ ‬بانه‭ ‬درس‭ ‬لى‭ ‬عندما‭ ‬كان‭ ‬وزيرا‭ ‬للخارجية‭ ‬قبل‭ ‬ان‭ ‬يصبح‭ ‬الامين‭ ‬العام‭ ‬للامم‭ ‬المتحدة‭ -‬‮ ‬‭ ‬ففى‭ ‬احدى‭ ‬محاضراته‭ ‬كان‭ ‬يخرج‭ ‬عن‭ ‬سياق‭ ‬المحاضرة‭ ‬العام‭ ‬ويتكلم‭ ‬عن‭ ‬القارة‭ ‬الافريقية‭ ‬بمزاياها‭ ‬وعيوبها‭ ‬بخيراتها‭ ‬وثرواتها‭ ‬وقوتها‭ ‬البشرية‭ ‬ومواردها‭ ‬الطبيعية‭ ‬ومناخها‭ ‬المتعدد‭ ‬وتضاريسها‭ ‬المتنوعة‭ ‬وفى‭ ‬احدى‭ ‬المحاضرات‭ ‬توقفت‭ ‬عند‭ ‬مقولة‭ ‬حكيم‭ ‬افريقيا‮ ‬‭‬من‭ ‬اراد‭ ‬ان‭ ‬يتعلم‭ ‬فليذهب‭ ‬شمالا‭ ‬ومن‭ ‬اراد‭ ‬الثروة‭ ‬فليتجه‭ ‬جنوبا‭ ) ‬كلمات‭ ‬بسيطة‭ ‬يعنى‭ ‬بها‭ ‬ان‭ ‬من‭ ‬يريد‭ ‬العلم‭ ‬يتجه‭ ‬شمالا‭ ‬اى‭ ‬الى‭ ‬اوربا‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وروسيا‭ ‬ومن‭ ‬يريد‭ ‬الثروة‭ ‬او‭ ‬يبحث‭ ‬عن‭ ‬الثراء‭ ‬والكنوز‭ ‬فليتجه‭ ‬جنوبا‭ ‬الى‭ ‬افريقيا‭ ‬وامريكا‭ ‬اللاتينية‭ ‬واستراليا‭ ‬بهذه‭ ‬الكلمات‭ ‬استطاع‭ ‬معلمنا‭ ‬القدير‭ ‬ان‭ ‬يوصل‭ ‬لنا‭ ‬رسالته‭ ‬الهامة‭ ‬كشعوب‭ ‬العالم‭ ‬لقد‭ ‬فهمها‭ ‬البعض‭ ‬وعمل‭ ‬بها‭ ‬حتى‭ ‬اصبح‭ ‬من‭ ‬العلماء‭ ‬لكل‭ ‬من‭ ‬اتجه‭ ‬شمالا‭ ‬وفهمها‭ ‬البعض‭ ‬الاخر‭ ‬ليصبح‭ ‬من‭ ‬اثرياء‭ ‬العالم‭ ‬فاتجه‭ ‬جنوبا‭ ‬ولكن‭ ‬رسالته‭ ‬لم‭ ‬تصل‭ ‬بعد‭ ‬الى‭ ‬بعض‭ ‬رؤساء‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬والى‭ ‬جهلاء‭ ‬هذا‭ ‬العصر‭ ‬من‭ ‬الباحثين‭ ‬عن‭ ‬الثروة‭ ‬والكنوز‭ ‬فى‭ ‬اماكن‭ ‬اخرى‭ ‬ولم‭ ‬تصل‭ ‬رسالته‭ ‬ايضا‭ ‬الى‭ ‬بعض‭ ‬زعماء‭ ‬دول‭ ‬القارة‭ ‬الافريقية‭ ‬ناتها‭ ‬اللذين‭ ‬يحكمون‭ ‬ولا‭ ‬يملكون‭ ‬شيئا.

ففى‭ ‬احاديثه‭ ‬كان‭ ‬يتكلم‭ ‬عن‭ ‬زعماء‭ ‬العالم‭ ‬الراغبين‭ ‬فى‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬الثروات‭ ‬المستعمرون‭ ‬القدامى‭ ‬للقارة‭ ‬الافربقبة‮ ‬‭ ‬واللذين‭ ‬مازالوا‭ ‬بعيدين‭ ‬كل‭ ‬البعد‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬القارة‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬انتشار‭ ‬ثقافاتهم‭ ‬ولغاتهم‭ ‬فى‭ ‬هذه‭ ‬القارة‭ ‬لقد‭ ‬تخلوا‭ ‬عن‭ ‬دورهم‭ ‬الاقتصادى‭ ‬فى‭ ‬الكشف‭ ‬عن‭ ‬الثروات‭ ‬واستثمارها‭ ‬لصالح‭ ‬شعوب‭ ‬القارة‭ ‬وشعوبهم‭ ‬ايضا‭ ‬لان‭ ‬المصلحة‭ ‬فى‭ ‬النهاية‭ ‬ستكون‭ ‬مشتركة‭ ‬وعن‭ ‬زعماء‭ ‬القارة‭ ‬ذاتهم‭ ‬تحدث‭ ‬سيادته‭ ‬حديث‭ ‬مستفيض‭ ‬فالقارة‭ ‬تحتاج‭ ‬الى‭ ‬الارادة‭ ‬السياسية‭ ‬اولا‭ ‬والاخلاص‭ ‬فى‭ ‬هذا‭ ‬العمل‭ ‬بنية‭ ‬صادقة‭ ‬دون‭ ‬النظر‭ ‬الى‭ ‬المصالح‭ ‬الشخصية‭ ‬قصيرة‭ ‬الاجل‭ ‬والتعاون‭ ‬الدولى‭ ‬بين‭ ‬زعماء‭ ‬القارة‭ ‬المخلصين‭ ‬او‭ ‬حكماء‭ ‬افريقيا‭ ‬الكبار‭ ‬ان‭ ‬بعض‭ ‬جهلاء‭ ‬هذا‭ ‬العصر‭ ‬يدعون‭ ‬ان‭ ‬القارة‭ ‬الافريقية‭ ‬هى‭ ‬افقر‭ ‬مكان‭ ‬فى‭ ‬العالم‭ ‬على‭ ‬خلاف‭ ‬الحقيقة‭ ‬فيجب‭ ‬ان‭ ‬تتجه‭ ‬الهجرة‭ ‬العكسية‭ ‬الى‭ ‬القارة‭ ‬الافريقية‭ ‬للبحث‭ ‬عن‭ ‬الثراء‭ ‬لقد‭ ‬استوعبت‭ ‬الصين‭ ‬وروسيا‭ ‬واسرائيل‭ ‬ولبنان‭ ‬الدرس‭ ‬ونشرت‭ ‬ش‭ ‬شركاتها‭ ‬ورجال‭ ‬اعمالها‭ ‬ومستثمريها‭ ‬فى‭ ‬كل‭ ‬ارجاء‭ ‬القارة‭ ‬لتضع‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬منها‭ ‬الكبيرة‭ ‬ومنها‭ ‬الصغيرة‭ ‬موط‭ ‬قدم‭ ‬لها‭ ‬بحسب‭ ‬حجمها‭ ‬وامكانياتها‭ ‬لتحل‭ ‬محل‭ ‬المسعمرون‭ ‬القدامى‭ ‬اللذين‭ ‬تخلوا‭ ‬عن‭ ‬شعوب‭ ‬القارة‭ ‬وفقدوا‭ ‬امتيازاتهم‭ ‬التى‭ ‬كانوا‭ ‬يتمتعون‭ ‬بها‭ ‬قديما‭ ‬مثل‭ ‬بريطانيا‭ ‬التى‭ ‬كانت‭ ‬عظمى‭ ‬وفرنسا‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬فلقد‭ ‬بحثوا‭ ‬عن‭ ‬الثراء‭ ‬فى‭ ‬تجارة‭ ‬الخراب‭ ‬والدمار‭ ‬اى‭ ‬تجارة‭ ‬السلاح‭ ‬وتركوا‭ ‬المجال‭ ‬الاقتصادى‭ ‬للاخرين‭ ‬اما‭ ‬عن‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬الشعبية‭ ‬واثرها‭ ‬فى‭ ‬العلاقات‭ ‬الافريقية‭ ‬والدولية‭ ‬نقول‭ ‬ان‭ ‬الشعوب‭ ‬الافريقية‭ ‬هى‭ ‬صانعة‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬الاولى‭ ‬فهى‭ ‬ليست‭ ‬شعوب‭ ‬منعزلة‭ ‬وانما‭ ‬هى‭ ‬دول‭ ‬منفتحة‭ ‬على‭ ‬بعضها‭ ‬البعض‭ ‬بحكم‭ ‬وحدة‭ ‬اللغة‭ ‬والثقافة‭ ‬والتقارب‭ ‬القبائلى‭ ‬احيانا‭ ‬على‭ ‬حدودها‭ ‬المشتركة‭ ‬وحرية‭ ‬التنقل‭ ‬داخل‭ ‬القارة‭ ‬سهلة‭ ‬ومكفولة‭ ‬للجميع‭ ‬وعن‭ ‬دبلوماسية‭ ‬الشعوب‭ ‬فعندما‭ ‬يتوجه‭ ‬مواطنا‭ ‬لبنانيا‭ ‬مثلا‭ ‬او‭ ‬مصريا‭ ‬الى‭ ‬اوغنده‭ ‬او‭ ‬الكنغو‭ ‬للعمل‭ ‬هناك‭ ‬او‭ ‬للاستثمار‭ ‬او‭ ‬السياحة‭ ‬فانه‭ ‬ينقل‭ ‬معه‭ ‬ثقافته‭ ‬الى‭ ‬هذه‭ ‬البلاد‭ ‬ويتعلم‭ ‬ثقافتهم‭ ‬ولغاتهم‭ ‬دون‭ ‬ان‭ ‬يمنعه‭ ‬احد‭ ‬بدل‭ ‬الموت‭ ‬غرقا‭ ‬فى‭ ‬البحر‭ ‬المتوسط‭ ‬للبحث‭ ‬عن‭ ‬السراب‮، ‬وفى‭ ‬نهاية‭ ‬حديثى‭ ‬عن‭ ‬الكنز‭ ‬المفقود‭ ‬لا‭ ‬يسعنى‭ ‬ال‭ ‬ان‭ ‬اترحم‭ ‬على‭ ‬حكماء‭ ‬هذا‭ ‬العصر‭ ‬اللذين‭ ‬فارقونا‭ ‬باجسادهم‭ ‬لم‭ ‬تفارقنا‭ ‬كلماتهم‭ ‬الحكيمة‭ ‬التى‭ ‬ستظل‭ ‬باقية‭ ‬حتى‭ ‬نجد‭ ‬الكنز‭ ‬المفقود.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى