فادى يوسف

فلسـفـة الحيـــاة

بقلم/ فادى يوسف

‮ ‬قيل‭ ‬فى‭ ‬القديم‭ ‬ما‭ ‬الحياه‭ ‬إلا‭ ‬أمل‭ ‬يصاحبها‭ ‬ألم‭ ‬ويفاجئها‭ ‬أجل‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬جعل‭ ‬حياة‭ ‬الإنسان‭ ‬تتغير‭ ‬من‭ ‬صعود‭ ‬لهبوط‭ ‬والعكس‭ ‬حتى‭ ‬يدرك‭ ‬الشخص‭ ‬فلسفة‭ ‬تلك‭ ‬الحياة‭ ‬بكل‭ ‬مراحلها‭ ‬وينعكس‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬مداركه‭ ‬وخبراته‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬يؤهل‭ ‬للعيش‭ ‬حسبما‭ ‬يختار

ألم‭ ‬وأمل‭ ‬لفظان‭ ‬يشتركان‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬الحروف‭ ‬ألف‭ ‬و‭ ‬ميم‭ ‬ولكن‭ ‬بترتيب‭ ‬مختلف‭ ‬ولكنهما‭ ‬يتناقضان‭ ‬تماماً‭ ‬في‭ ‬المعنى‭ ‬فالألم‭ ‬حديث‭ ‬عما‭ ‬يصيب‭ ‬النفس‭ ‬أو‭ ‬الجسم‭ ‬من‭ ‬تعب‭ ‬ومشقة‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬حديث‭ ‬الأمل‭ ‬يعبر‭ ‬عن‭ ‬السعادة‭ ‬والتفاؤل‭ ‬بالمستقبل‭.‬

ألـــم‭ ‬الحـــيــــــاة:‭ ‬

لا‭ ‬تضيع‭ ‬الحاضر‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬المستقبل،‭ ‬لا‭ ‬تهدم‭ ‬ما‭ ‬بنيت‭ ‬أو‭ ‬تستغني‭ ‬عما‭ ‬في‭ ‬يديك‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬أحلام‭ ‬لم‭ ‬تتحقق‭ ‬بعد‭ ‬فقد‭ ‬تتغير‭ ‬الأمور‭ ‬من‭ ‬تلقاء‭ ‬نفسها‭ ‬بفعل‭ ‬القدر‭ ‬أخف‭ ‬وقعاً‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬نغيرها‭ ‬نحن‭ ‬ثم‭ ‬نلوم‭ ‬أنفسنا‭ ‬كل‭ ‬يوم‭ ‬أن‭ ‬نستسلم‭ ‬للقدر‭ ‬أهون‭ ‬علينا‭ ‬من‭ ‬لومِ‭ ‬خياراتنا‭ ‬الخاطئة‭ ‬أو‭ ‬مشاعرنا‭ ‬الجياشة‭ ‬التي‭ ‬تقودنا‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬تفكير‭ ‬أو‭ ‬تخطيط.‭ ‬

في‭ ‬الحياة‭ ‬خيارات‭ ‬عديدة،‭ ‬لكننا‭ ‬لا‭ ‬نختارها‭ ‬دائما‭ ‬قاصدين‭ ‬بل‭ ‬نختارها‭ ‬بقلة‭ ‬وعينا‭ ‬واستخفافنا‭ ‬في‭ ‬أولوياتنا‭ ‬عندما‭ ‬نسكت‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬الكلام،‭ ‬أو‭ ‬أن‭ ‬نبتسم‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬الحزن‭ ‬أو‭ ‬أن‭ ‬نصم‭ ‬آذاننا‭ ‬عما‭ ‬نرى‭ ‬أو‭ ‬تخوننا‭ ‬أفعالنا‭ ‬فلا‭ ‬تعكس‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬قلوبنا‭ ‬هنا‭ ‬نسقط‭ ‬فريسة‭ ‬سهلة‭ ‬لأفكارنا‭ ‬المشوشة‭. ‬نقع‭ ‬ضحية‭ ‬لمخاوفنا‭ ‬الكاذبة.‭ ‬

نحن‭ ‬نستطيع‭ ‬أن‭ ‬ننطلق‭ ‬نحو‭ ‬المستقبل‭ ‬ونسعى‭ ‬خلف‭ ‬حياة‭ ‬جديدة‭ ‬ونبني‭ ‬طموحاتنا‭ ‬لكن‭ ‬ذلك‭ ‬لن‭ ‬يكون‭ ‬سهلاً‭ ‬عندما‭ ‬ندفع‭ ‬مسبقاً‭ ‬ثمن‭ ‬هذا‭ ‬التفكير‭ ‬وقبل‭ ‬البدء‭ ‬به‭ ‬يمكن‭ ‬لنا‭ ‬أن‭ ‬نتخذ‭ ‬الخيارات‭ ‬لكن‭ ‬يقع‭ ‬على‭ ‬عاتقنا‭ ‬تحمل‭ ‬ما‭ ‬يعقبها‭ ‬من‭ ‬نتائج‭ ‬وتابعت‭ ‬لن‭ ‬يكون‭ ‬التعايش‭ ‬معها‭ ‬أمراً‭ ‬سهلاً‭ ‬الشعور‭ ‬بالفشل‭ ‬أو‭ ‬الحظ‭ ‬السيء‭ ‬خطير‭ ‬جدا‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬نتدارك‭ ‬ذلك‭ ‬بعزيمة‭ ‬قوية‭ ‬يُمكِنُنا‭ ‬أن‭ ‬نبدأ‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬إذا‭ ‬تعايشنا‭ ‬مع‭ ‬فكرة‭ ‬الفشل‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬تجربة‭ ‬نادرة‭ ‬لن‭ ‬تحدث‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬وهنا‭ ‬يصبح‭ ‬ألم‭ ‬أمل‭.‬

أمـــل‭ ‬الحـــيــــــاة:‭ ‬

في‭ ‬سجل‭ ‬ذاكرتنا‭ ‬بصمات‭ ‬ولحظات‭ ‬عديدة‭ ‬مررنا‭ ‬بها‭ ‬وعشناها‭ ‬بألم‭ ‬وأمل،‭ ‬منها‭ ‬ما‭ ‬يطوى‭ ‬ولا‭ ‬يروى‭ ‬بمثابة‭ ‬نجوم‭ ‬معدودة‭ ‬تضيء‭ ‬بجنباتها‭ ‬ونستأنس‭ ‬بذكراها،‭ ‬وتشفي‭ ‬الغليل‭ ‬بنجواها‭ ‬ولا‭ ‬تنسى‭ ‬مهما‭ ‬طال‭ ‬الزمان‭ ‬واندثر‭ ‬العمر‭ ‬ولحظات‭ ‬مرت‭ ‬علينا‭ ‬شعرنا‭ ‬بها‭ ‬بحزن‭ ‬وألم‭ ‬كبير‭ ‬ولأنها‭ ‬سنة‭ ‬الحياة‭ ‬فلا‭ ‬بد‭ ‬أن‭ ‬نمر‭ ‬بكل‭ ‬منها،‭ ‬فعلينا‭ ‬أن‭ ‬لا‭ ‬نحزن‭ ‬على‭ ‬الأمس‭ ‬فهو‭ ‬لن‭ ‬يعود‭ ‬ولا‭ ‬ناسف‭ ‬على‭ ‬اليوم‭ ‬فهو‭ ‬راحل،‭ ‬والحياة‭ ‬كثيرة‭ ‬التقلب‭ ‬لا‭ ‬تستقيم‭ ‬لأحد‭ ‬كسفينة‭ ‬لا‭ ‬تستقر‭ ‬على‭ ‬بر،‭ ‬فيها‭ ‬الخير‭ ‬والشر‭ ‬والصلاح‭ ‬والفساد.

والسرور‭ ‬والحزن،‭ ‬والأمل‭ ‬واليأس،‭ ‬وفيها‭ ‬الحب‭ ‬والكره‭ ‬والجمال‭ ‬والقبح،‭ ‬وفيها‭ ‬الحرب‭ ‬والسلم،‭ ‬والأخوة‭ ‬والعداوة‭ ‬ولأن‭ ‬الفطرة‭ ‬التي‭ ‬فطرنا‭ ‬الله‭ ‬عليها‭ ‬كمسلمين‭ ‬هي‭ ‬فطرة‭ ‬طيبة‭ ‬تهفو‭ ‬للخير‭ ‬والتفاؤل‭ ‬وتسر‭ ‬بإدراكه‭ ‬وتأسى‭ ‬بالتشاؤم‭ ‬والشر‭ ‬وتحزن‭ ‬من‭ ‬ارتكابه‭.‬

فلكل‭ ‬منا‭ ‬دوافعه‭ ‬لتحقيق‭ ‬آماله‭ ‬واحلامه، فالذي‭ ‬يغري‭ ‬التاجر‭ ‬بالأسفار‭ ‬و‭ ‬المخاطرة‭ ‬أمله‭ ‬في‭ ‬الارباح‭ ‬والذي‭ ‬يبعث‭ ‬الطالب‭ ‬للجد‭ ‬والمثابرة‭ ‬أمله‭ ‬في‭ ‬النجاح،‭ ‬والذي‭ ‬يحفز‭ ‬الجندي‭ ‬إلى‭ ‬الاستبسال‭ ‬في‭ ‬أرض‭ ‬المعركة‭ ‬أمله‭ ‬في‭ ‬النصر،‭ ‬والذي‭ ‬يحبب‭ ‬إلى‭ ‬المريض‭ ‬الدواء‭ ‬المر‭ ‬أمله‭ ‬في‭ ‬الشفاء‭. ‬فعلينا‭ ‬أن‭ ‬لا‭ ‬نستسلم‭ ‬للمنغصات‭ ‬التي‭ ‬تواجهنا،‭ ‬لأن‭ ‬اليأس‭ ‬والاستسلام‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬شيمنا‭ ‬ولو‭ ‬تعثرت‭ ‬اقدامنا‭ ‬وسقطنا‭ ‬سنكافح‭ ‬ونجتهد‭ ‬وسنقف‭ ‬مجدداً‭ ‬ونحن‭ ‬أكثر‭ ‬تماسكا‭ ‬وقوة،‭ ‬و‭ ‬لنمد‭ ‬يد‭ ‬العون‭ ‬والمساعدة‭ ‬لكل‭ ‬من‭ ‬يشعر‭ ‬بالألم‭ ‬ونزرع‭ ‬فيه‭ ‬الأمل‭ ‬لتعود‭ ‬السعادة‭ ‬لحياته‭ ‬وقلبه‭.‬

لنعيش‭ ‬الأمل‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬تحمله‭ ‬الكلمة‭ ‬من‭ ‬معنى‭ ‬كونه‭ ‬شعاع‭ ‬يضيء‭ ‬جوانب‭ ‬الظلام‭ ‬ويشق‭ ‬دروب‭ ‬الحياة‭ ‬للأنام،‭ ‬وكزهرة‭ ‬تسكن‭ ‬القلوب‭ ‬وشمس‭ ‬تحيل‭ ‬الظلام‭ ‬نورا‭ ‬فكثيرا‭ ‬منا‭ ‬يحبون‭ ‬الأمل‭ ‬ويخافون‭ ‬الألم‭ ‬لأن‭ ‬الأمل‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬القيم‭ ‬المعنوية‭ ‬في‭ ‬حياتنا‭ ‬فهو‭ ‬يبعث‭ ‬في‭ ‬النفس‭ ‬البشرية‭ ‬الطمأنينة‭ ‬والفرح‭ ‬ويحفزنا‭ ‬على‭ ‬الصمود.‭ ‬

في‭ ‬بعض‭ ‬الأحيان‭ ‬يغلق‭ ‬الله‭ ‬أمامنا‭ ‬باباً‭ ‬لكي‭ ‬يفتح‭ ‬لنا‭ ‬أبواباً‭ ‬كثيرة‭ ‬أفضل‭ ‬منه‭ ‬فالبعض‭ ‬يضيع‭ ‬تركيزه‭ ‬ووقته‭ ‬وطاقته‭ ‬في‭ ‬النظر‭ ‬للباب‭ ‬الذي‭ ‬أغلق‭ ‬ونجد‭ ‬الكثير‭ ‬منهم‭ ‬يجلس‭ ‬في‭ ‬الظلام.

وينظر‭ ‬بمنظار‭ ‬التشاؤم‭ ‬والسلبية‭ ‬والكآبة‭ ‬والإحباط‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬النظر‭ ‬لباب‭ ‬الأمل‭ ‬الذي‭ ‬انفتح‭ ‬أمامه‭ ‬على‭ ‬مصراعيه‭ ‬هذا‭ ‬الشعور‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬إلا‭ ‬سراب‭ ‬يلوح‭ ‬للناظرين‭ ‬من‭ ‬بعيد‭ ‬يتمناه‭ ‬الجميع‭ ‬يحسبونه‭ ‬ماءً‭ ‬لكنه‭ ‬مجرد‭ ‬سراب،‭ ‬كمن‭ ‬يسافر‭ ‬إلى‭ ‬الصحراء‭ ‬بحثا‭ ‬عن‭ ‬الأشجار‭ ‬ليتظلل‭ ‬بها‭ ‬فلن‭ ‬يجد‭ ‬فيها‭ ‬غير‭ ‬الوحشة‭ ‬وإذا‭ ‬واجهنا‭ ‬الألم‭ ‬فلنخفيه‭ ‬بالأمل‭ ‬والعمل‭ ‬للوصول‭ ‬لمستقبل‭ ‬جميل‭ ‬وواعد،‭ ‬ونمضي‭ ‬لغدٍ‭ ‬أفضل‭ ‬ونتطلع‭ ‬للأمام‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬التشاؤم‭ ‬والنظر‭ ‬إلى‭ ‬الخلف‭.‬

الآمال‭ ‬العظيمة‭ ‬تصنع‭ ‬الاشخاص‭ ‬العظماء‭ ‬فهناك‭ ‬قيمة‭ ‬إيمانية‭ ‬عميقة‭ ‬هي‭ ‬التوكل‭ ‬على‭ ‬الله‭ ‬والاستعانة‭ ‬به‭ ‬فكلما‭ ‬اتسعت‭ ‬مساحة‭ ‬التفاؤل‭ ‬في‭ ‬أعيننا‭ ‬رأينا‭ ‬نعيما‭ ‬لا‭ ‬يبصره‭ ‬إلا‭ ‬من‭ ‬أحسن‭ ‬الظن‭ ‬بالله‭ ‬ويبقى‭ ‬الأمل‭ ‬في‭ ‬قلوبنا‭ ‬يوقظ‭ ‬فينا‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬جميل‭ ‬ويبعث‭ ‬فينا‭ ‬التفاؤل‭ ‬فنرى‭ ‬الوجود‭ ‬جميلا‭ ‬بكل‭ ‬تفاصيله‭ ‬وكما‭ ‬قال‭ ‬الشاعر‭ ‬أعلل‭ ‬النفس‭ ‬بالآمال‭ ‬أرقبها‭ ‬ما‭ ‬أضيق‭ ‬العيش‭ ‬لولا‭ ‬فسحة‭ ‬الأمل.

ولا‭ ‬ننسى‭ ‬الثقة‭ ‬التامة‭ ‬بأن‭ ‬الله‭ ‬يسمعنا‭ ‬ولن‭ ‬يخذلنا‭ ‬أبدا‭ ‬وإن‭ ‬تحققت‭ ‬أمانينا‭ ‬فالحمد‭ ‬لله‭ ‬وإن‭ ‬تأخرت‭ ‬فهو‭ ‬حتما‭ ‬خير‭ ‬لنا‭ ‬وأن‭ ‬أروع‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬فعله‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬كل‭ ‬منا‭ ‬رسولُ‭ ‬يبعث‭ ‬كلمات‭ ‬من‭ ‬الأمل‭ ‬والتفاؤل‭ ‬في‭ ‬نفوس‭ ‬الآخرين‭ ‬لنعيش‭ ‬راضين‭ ‬بما‭ ‬قسمه‭ ‬الله‭ ‬لنا‭ ‬ولتكون‭ ‬الحياة‭ ‬كما‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬ونرضى‭ ‬بالقضاء‭ ‬خيره‭ ‬وشره‭.‬

وأختتم‭ ‬بأجل‭ ‬الحياة‭ ‬فاتذكر‭ ‬الحكمة‭ ‬الشهيرة‭ ‬اذا‭ ‬انا‭ ‬مت‭ ‬و‭ ‬انت‭ ‬مازلت‭ ‬تحارب‭ ‬من‭ ‬اجل‭ ‬الحياه‭ ‬سوف‭ ‬أعود‭ ‬من‭ ‬اجلك‭ ‬وهكذا‭ ‬تستمر‭ ‬فلسفة‭ ‬الحياة‭ ‬بسر‭ ‬البقاء‭ ‬بين‭ ‬الألم‭ ‬والأمل‭ ‬والاجل‭.‬

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى