عادل عطيةمقالات عادل

أفكار – الظـلام السـعيـد!!

بقلم/ عادل عطية

  ‬تصور‭ :‬أفراد‭ ‬عائلة‭ ‬واحدة،‭ ‬جالسين‭ ‬في‭ ‬حجرة‭ ‬مظلمة،‭ ‬يراقبون‭ ‬‭”‬التلفاز‭”‬‭.. ‬وإذا‭ ‬حاول‭ ‬أحدهم‭ ‬أن‭ ‬يتحدث‭ ‬مع‭ ‬الآخر،‭ ‬فإن‭ ‬الاستجابة‭ ‬ستكون‭: ‬‭”‬أصمت‭ ‬حتى‭ ‬ينتهي‭ ‬هذا‭ ‬البرنامج‭”‬‭.. ‬وبذلك‭ ‬يجلسون‭ ‬في‭ ‬‭”‬الظلام‭ ‬السعيد‭”‬،‭ ‬ملتصقين‭ ‬عاطفياً‭ ‬بالشاشة‭ ‬الصغيرة،‭ ‬ومتجاهلين‭ ‬بعضهم‭ ‬بعضاً إلى‭ ‬حد‭ ‬التباعد‭ ‬والاغتراب‭ ‬أكثر‭ ‬بأكثر‭!‬

  ‬أنه‭ “‬الظلام‭ ‬السعيد‭”‬،‭ ‬الذي‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬کان‭ ‬أطفالك‭ ‬الملائكيون‭ ‬النائمون‭ ‬في‭ ‬سررك‭ ‬الدافئة،‭ ‬يصنعون‭ ‬من‭ ‬أحلامهم‭: ‬أراجيح،‭ ‬وأناشيد،‭ ‬وزوارق‭ ‬للصباحات‭ ‬الإنسانية‭ ‬الجديدة‭ ‬القادمة،‭ ‬تُعد‭ ‬لهم‭ ‬فيه،‭ ‬بدأب،‭ ‬وعن‭ ‬غير‭ ‬قصد،‭ ‬أفكاراً‭ ‬من‭: ‬الدم،‭ ‬والرمل،‭ ‬والظلمة،‭ ‬والجراح‭!‬

  ‬أنه‭ ‬‭”‬الظلام‭ ‬السعيد‭”‬،‭ ‬الذي‭ ‬صنع‭ ‬البلاغة‭ ‬الإليكترونية،‭ ‬بينما‭ ‬توقف‭ ‬عن‭ ‬جعل‭ ‬طفلك‭ ‬لا‭ ‬يمل‭ ‬الرضاعة‭ ‬من‭ ‬مشاهد‭ ‬العنف،‭ ‬والإغتصاب،‭ ‬والحروب والكوارث؛‭ ‬حتى‭ ‬أصبح‭ ‬فيما‭ ‬بعد يدرء‭ ‬مشاعر‭ ‬النغصة‭ ‬بتصنع‭ ‬اللامبالاة‭!‬

  ‬أنه‭ ‬‭”‬الظلام‭ ‬السعيد‭”‬،‭ ‬الذي‭ ‬أصبح‭ ‬فيه‭ ‬جيلنا،‭ ‬جيل‭ ‬اللمسة‭ ‬الرقيقة،‭ ‬قادراً‭ ‬على‭ ‬التواصل‭ ‬مع‭ ‬الميديا،‭ ‬بينما‭ ‬لا‭ ‬يتمكن‭ ‬من‭ ‬التواصل‭ ‬مع‭ ‬فكرة‭: ‬‭”‬أن‭ ‬ثمة‭ ‬قلباً‭ ‬ينبض‭ ‬بعيداً‭ ‬عن‭ ‬أنظار‭ ‬الجميع‭”‬‭.. ‬وكأنه‭ ‬لا‭ ‬يستحق‭ ‬الإهتمام‭. ‬فأودعنا‭ ‬أصولنا‭ ‬أبراجاً‭ ‬منيعة‭ ‬كما‭ ‬‭”‬الجميلة‭ ‬النائمة‭”‬‭ ‬وتركنا‭ ‬محبتنا‭ ‬تتحجر‭!‬

  ‬أنها‭ ‬الكارثة‭ ‬المشتركة‭ ‬التي‭ ‬تجمعنا‭ ‬جميعاً وعلينا‭ ‬تداركها،‭ ‬بإصرار‭ ‬داخلي‭ ‬على‭ ‬الاحتفاء‭ ‬بالعطية‭ ‬الإلهية‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬العائلة،‭ ‬بأن‭ ‬نشعر‭ ‬بجدران‭ ‬بيتنا‭ ‬المشترك ‬وأن‭ ‬يشكل‭ ‬كل‭ ‬واحد‭ ‬منا‭ ‬‭”‬رأس‭ ‬جسر‭”‬‭ ‬في‭ ‬عائلته،‭ ‬وأن‭ ‬يصبح‭ ‬مركزاً‭ ‬للإتصالات‭ ‬والترابط‭ ‬والتواثق‭ ‬بين‭ ‬أفراده‭!‬

  ‬فالمنزل‭ ‬ليس‭ ‬مجرد‭ ‬مكان‭ ‬بل‭ ‬أشخاص‭ ‬محبين،‭ ‬ومستقبل‭ ‬تعاون‭ ‬البشر يمرّ‭ ‬بالأسرة‭!‬

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى