سامح فريد

حوار الطرشان فى العراق ولبنان

بقلم/ سامح فريد سليم

عنوان‭ ‬هذا‭ ‬المقال‭ ‬هو‭ ‬تصوير‭ ‬للحالة‭ ‬الواقعية‭ ‬التى‭ ‬يمر‭ ‬بها‭ ‬العراق‭ ‬ولبنان‭ ‬الان‭ ‬فى‭ ‬ظل‭ ‬غياب‭ ‬دولة‭ ‬المؤسسات‭ ‬والقانون‭ ‬فالدول‭ ‬التى‭ ‬سقطت‭ ‬بعد‭ ‬حكم‭ ‬الفرد‭ ‬او‭ ‬الحكم‭ ‬الديكتاتورى‭ ‬والتى‭ ‬غيبت‭ ‬فيها‭ ‬المؤسسات‭ ‬قصرا‭ ‬واصبحت‭ ‬فى‭ ‬يد‭ ‬الحاكم‭ ‬فترات‭ ‬طويلة‭ ‬فعندما‭ ‬يسقط‭ ‬هذا‭ ‬الحاكم‭ ‬تسقط‭ ‬معه‭ ‬الدولة‭ ‬وتبدا‭ ‬العصابات‭ ‬والميليشيات‭ ‬فى‭ ‬عملها‭ ‬فى‭ ‬سرعة‭ ‬اسقاط‭ ‬ماتبقى‭ ‬فى‭ ‬ظل‭ ‬غياب‭ ‬الجيش‭ ‬وهو‭ ‬احد‭ ‬اهم‭ ‬المؤسسات‭ ‬الضامنة‭ ‬لبقاء‭ ‬الدولة‭ ‬فالعراق‭ ‬الان‭ ‬هى‭ ‬دولة‭ ‬محتلة‭ ‬من‭ ‬الميليشيات‭ ‬وليست‭ ‬دولة‭ ‬ذات‭ ‬سيادة‭ ‬بالمعنى‭ ‬الكامل.

ونرى‭ ‬على‭ ‬الجانب‭ ‬الاخر‭ ‬نفس‭ ‬الحالة‭ ‬المشابهة‭ ‬فى‭ ‬لبنان‭ ‬الاحتلال‭ ‬الداخلى‭ ‬وانشاء‭ ‬دولة‭ ‬موازية‭ ‬فى‭ ‬جنوب‭ ‬لبنان‭ ‬فى‭ ‬ظل‭ ‬غياب‭ ‬دولة‭ ‬المؤسسات‭ ‬والقانون‭ ‬فتصبح‭ ‬الثورة‭ ‬بلا‭ ‬قيمة‭ ‬فمن‭ ‬يسمع‭ ‬صرخات‭ ‬الشعب‭ ‬لايسمع‭ ‬احد‭ ‬ما‭ ‬يقوله‭ ‬الاخر‭ ‬فالكل‭ ‬يطالب‭ ‬والكل‭ ‬يتكلم‭ ‬بدون‭ ‬سماع‭ ‬الاخر‭ ‬فيصبح‭ ‬اشبه‭ ‬بحوار‭ ‬الطرشان‭ ‬الذى‭ ‬يؤدى‭ ‬فى‭ ‬النهاية‭ ‬الى‭ ‬حرب‭ ‬اهلية‭ ‬مرة‭ ‬اخرى‭ ‬مثل‭ ‬ماحدث‭ ‬عام‭ ‬1975‭ ‬فى‭ ‬لبنان.

فالحكومات‭ ‬فى‭ ‬كلا‭ ‬البلدين‭ ‬عاجزة‭ ‬عن‭ ‬القيام‭ ‬بمهامها‭ ‬فى‭ ‬ظل‭ ‬تكبيل‭ ‬الميليشيات‭ ‬لها‭ ‬وسيطرتها‭ ‬على‭ ‬القطاعات‭ ‬الحكومية‭ ‬اوبمعنى‭ ‬اخر‭ ‬فى‭ ‬ظل‭ ‬وجود‭ ‬الدولة‭ ‬الموازية‭ ‬ومايحدث‭ ‬فى‭ ‬العراق‭ ‬الان‭ ‬ليس‭ ‬ثورة‭ ‬كما‭ ‬يتصور‭ ‬البعض‭ ‬وانما‭ ‬بداية‭ ‬لحرب‭ ‬اهلية‭ ‬لايعلم‭ ‬احد‭ ‬متى‭ ‬ستنتهى‭ ‬ففى‭ ‬ظل‭ ‬غياب‭ ‬المؤسسات‭ ‬نحن‭ ‬امام‭ ‬حالة‭ ‬اللادولة‭ ‬حتى‭ ‬وان‭ ‬كان‭ ‬الشكل‭ ‬الخارجى‭ ‬يوحى‭ ‬بان‭ ‬هناك‭ ‬دولة.

‮ ‬‭ -‬‮ ‬‭ ‬اما‭ ‬رسوخ‭ ‬وقيام‭ ‬مؤسسات‭ ‬الدولة‭ ‬بدورها‭ ‬حتى‭ ‬فى‭ ‬وقت‭ ‬الازمات‭ ‬يعطى‭ ‬طمانينة‭ ‬للمواطن‭ ‬داخل‭ ‬دولته‭ ‬ومصداقية‭ ‬دولية‭ ‬امام‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولى‭ ‬فاذا‭ ‬سقط‭ ‬الحاكم‭ ‬ظلت‭ ‬الدولة‭ ‬قوية‭ ‬راسخة‭ ‬بمؤسساتها‭ ‬تطبق‭ ‬القانون‭ ‬حتى‭ ‬فى‭ ‬احلك‭ ‬الظروف‭ ‬فرئيس‭ ‬الدولة‭ ‬ماهو‭ ‬الاموظفا‭ ‬عاما‭ ‬فى‭ ‬الدولة‭ ‬ذو‭ ‬درجة‭ ‬رفيعة‭ ‬يخدم‭ ‬الشعب‭ ‬ويتقاضى‭ ‬راتبه‭ ‬من‭ ‬الضرائب‭ ‬التى‭ ‬تفرض‭ ‬على‭ ‬الشعب‭ ‬كما‭ ‬اشار‭ ‬الى‭ ‬ذلك‭ ‬استاذنا‭ ‬الفقيه‭ ‬الدستورى‭ ‬دكتور‭ ‬يحيى‭ ‬الجمل‭ ‬رحمه‭ ‬الله‭ ‬فسقوط‭ ‬شخص‭ ‬او‭ ‬وفاته‭ ‬لايؤثر‭ ‬على‭ ‬دولة‭ ‬المؤسسات‭ ‬والقانون.

والمثال‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬ماحدث‭ ‬فى‭ ‬مصر‭ ‬بعد‭ ‬ثورة‭ ‬30‭ ‬يونيو‭ ‬فظلت‭ ‬مؤسسات‭ ‬الدولة‭ ‬تنتفض‭ ‬واحدة‭ ‬تلو‭ ‬الاخرى‭ ‬وتطهر‭ ‬نفسها‭ ‬من‭ ‬الفاسدين‭ ‬فى‭ ‬ظل‭ ‬وجود‭ ‬الحامى‭ ‬الضامن‭ ‬لقيام‭ ‬المؤسسات‭ ‬الاخرى‭ ‬بدورها‭ ‬تحت‭ ‬حمايته‭ ‬فقامت‭ ‬المحكمة‭ ‬الدستورية‭ ‬العليا‭ ‬فى‭ ‬مصر‭ ‬بدورها‭ ‬التاريخى‭ ‬وتعيين‭ ‬رئيسها‭ ‬رئيسا‭ ‬مؤقتا‭ ‬للجمهورية‭ ‬وفقا‭ ‬للدستور‭ ‬فاستطاعت‭ ‬ان‭ ‬تعبر‭ ‬بسلام‭ ‬من‭ ‬حالة‭ ‬الفوضى‭ ‬وعدم‭ ‬الاستقرار‭ ‬وهنا‭ ‬الفرق‭ ‬بين‭ ‬دولة‭ ‬الؤسسات‭ ‬ودولة‭ ‬الافراد‭ ‬فدولة‭ ‬الافراد‭ ‬من‭ ‬السهل‭ ‬ان‭ ‬تسقط‭ ‬اما‭ ‬دولة‭ ‬المؤسسات‭ ‬والقانون‭ ‬تظل‭ ‬دائما‭ ‬عصية‭ ‬على‭ ‬السقوط ‭.‬

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى